Dari Naql ke Ibdac (Jilid Kedua - Transformasi): (1)
من النقل إلى الإبداع (المجلد الثاني التحول): (١)
Genre-genre
122
وعندما ينقل ابن سينا كتاب الشعر من البيئة الثقافية اليونانية إلى البيئة الثقافية العربية؛ فإنه يكتشف خصائص كل شعر وخصوصيته ويوازن بينهما. ويشرح معاني التخييل والخرافة والاستدلال والاشتمال وموافقة اللحن لغرض المتكلم تاركا الخصوصية اليونانية وواضعا الخصوصية العربية محلها. ويذكر تعريف الشعر بوجه عام دون ذكر لليونان وكان تعريف الشعر اليوناني قد أطلق وأصبح في الثقافة العامة هو مفهوم الشعر. ويقارنه بمفهوم الشعر عند العرب في ثقافة خاصة. يتحدث عن الشعر اليوناني ويطابق بينه وبين الشعر العربي. فكان لليونانيين عادات في كل نوع. كما أن للعرب عادة ذكر الديار والغزل والفيافي، هنا يبدو العرب إطارا مرجعيا لفهم اليونان. وتعكس خصوصية العرب خصوصية اليونان وتحيلها إليها في مرآة مزدوجة، اليونان في مرآة العرب، والعرب في مرآة اليونان. كما يستشهد بالشعر العربي لشرح النظرية الشعرية، ويتم توضيح النظرية اليونانية بالمثل العربي تقديرا لعلوم الآخر، واستعمال علوم الأنا كعلوم وسائل وعلوم الآخر كعلوم غايات استعمالا مؤقتا يتم بعدها استعمال علوم الآخر كوسائل وعلوم الأنا كغايات استعمالا دائما.
123
والتمايز بين خصائص الشعر العربي والشعر اليوناني أحد مظاهر النقل الحضاري، خصوصية الذات تؤدي إلى التمايز مع الآخر، وخصوصية الآخر تؤدي إلى التمايز مع الذات.
ويبدأ التمايز بوصف شعر الآخر على ما هو عليه، رؤية موضوعية له من خلال مرآة الذات ثم وصف شعر الأنا في مرآة الآخر. وفي حالة التماثل وتطابق الموضوع يكون التماثل بين الأنا والآخر، بين ابن سينا وأرسطو، بين شعر العرب وشعر اليونان مثل الحديث عن نشأة الشعر ورده إلى سببين في طبائع الناس، الالتذاذ بالمحاكاة، وحب الألحان والأنغام. واللجوء إلى الطبيعة الإنسانية مرآة الأنا وتصورها للفطرة.
124
وفي حالة التمايز يكون موضوع الشعر اليوناني محاكاة للأفعال والأحوال في حين أن موضوع الشعر العربي محاكاة للذوات أي الجواهر. الشعر اليوناني ذاتي، والشعر العربي موضوعي. غاية الشعر اليوناني الحث أو الردع بالقول على فعل مرة شعرا ومرة خطابة، في حين أن غاية الشعر العربي التأثير في النفس والعجب بالتشبيه.
125
ومن مظاهر التمايز الحكم الأخلاقي بالتحسين أو التقبيح، بالمدح أو الذم. فكل فعل إما قبيح أو جميل. ولما كان الشعر اليوناني يقوم على محاكاة الأفعال والأحوال انتقل بعض الشعراء إلى محاكاتها للتشبيه الصرف لا لتحسين أو تقبيح، بل للمطابقة فقط. في حين يقوم الشعر العربي على التحسين والتقبيح. وهما مقولتان أصوليتان عند المعتزلة، وربط الشعر بالأخلاق موقف قرآني. وبينما اتجه الشعر اليوناني إلى الأسطورة والقصة والدراما لم يعرف الشعر العربي الملحمة والدراما واقتصر على التعبير المباشر عن العواطف والأخيلة. كما أن توجه الشعر اليوناني نحو الأغراض المدنية والسياسية وغيرها جعلته يتوجه نحو الأفعال، الحث على فعل أو الردع عن فعل. أما الشعر العربي فأكثر محاكاته للذوات، التشبه بالشيء ليوقع في النفس العجب بصورة الشيء المحاكي.
والسؤال الآن: هل هذه المقابلة صحيحة بين محاكاة الأفعال والأحوال في الشعر اليوناني ومحاكاة الذوات في الشعر العربي؟ وماذا عن الجانب الجوهري في الفكر اليوناني والجانب الفعلي العملي في الفكر الإسلامي؟ وأيهما أفضل للشعر محاكاة الذوات والجواهر الثابتة أم محاكاة الأفعال والأحوال المتغيرة؟ هل العلاقة بين الفكر اليوناني والفكر الإسلامي علاقة الذات بالموضوع، والنسبي بالمطلق، والجزئي بالكلي؟ وهل حاكي القرآن كنموذج للشعر العربي ومعبر عن جمالياته الذوات والجواهر دون الأفعال والأحوال؟ وهل فعل ذلك الشعراء العرب؟ هل يمكن إطلاق هذا الحكم على كل الشعر العربي بكل اتجاهاته ومذاهبه؟ وماذا عن حكم ابن رشد بأن أهم سمات الشعر العربي الوصف الواقعي الجزئي الدقيق، روح الواقع التجريبي الذي ظهر في التعليل في علم أصول الفقه؟ أي الحكمين أصدق؟
Halaman tidak diketahui