Dari Naql ke Ibdac (Jilid Kedua - Transformasi): (1)
من النقل إلى الإبداع (المجلد الثاني التحول): (١)
Genre-genre
فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات ، وأن خير القرون قرن النبي، وأن الخلافة ثلاثون سنة تتحول بعدها إلى ملك عضود؛ فهل الأقوال تختلف من زمان إلى زمان، وطرق السؤال والجواب تختلف من عصر إلى عصر؟ فالجدل مرتبط بالثقافات وأساليبها في الإقناع به قدر كبير من الخصوصية على عكس منطق البرهان.
110
ويعبر كتاب «الشعر» عن نفس المعنى؛ فقد ذكره المعلم الأول مرتين. الأولى زمان المعلم الأول، إحساسا بالعصر والتاريخ والزمان، الأوائل والأواخر، المتقدمون والمتأخرون، إبرازا للأجيال وتراكم الخبرات، والقراءات المستمرة عبر العصور؛ فالمعلم الأول في الزمان والتاريخ. لقد تغير الشعر في التاريخ بالرغم من أن المعلم جعل الشعر أقل درجة في المعرفة من التاريخ. فهناك أشعار المتقدمين في الهجاء. أما المتأخرون فلم يكن يعملون بالحقيقة طراغوديا. وكان القدماء أقدر من المتأخرين على اللحن والوزن. وكان المتأخرون على إجادة الوزن واللحن أقدر منهم على حسن التخييل بنوعي الخرافة. كان الأولون يقررون الاعتقادات في النفوس بالتخييل الشعري. وكان الأولون القدماء يستهينون في الخرافات حتى يتوصلوا إلى الغرض، أما المحدثون فقد مهروا فيه. كان القدماء يذمون ذلك ويشبهون الشاعر المفتقر إليه والقائل به بأبي ززة (القرء) ويعني خلط القول بالأغاني والحركات.
111
ويقر ابن سينا بأن كتاب الشعر تلخيص للقدر الذي وجد في البلاد إحساسا منه بنقص الكتاب. ويعني التلخيص هنا الاختصار كما ورد في باقي كتب الشفاء، وبعض ما به ما زال صالحا. وكل شيء فيه ليس مقبولا. فقد تغير الزمن وقدم العهد، ولم يعد تحليل الشعر القديم مواكبا لمتطلبات العصر، لا يوجد شيء إذن اسمه أثر اليونان في غيرهم من الثقافات والشعوب بل يوجد مسار حضاري واحد لحضارة بشرية واحدة متعددة الثقافات، ومتتالية المراحل. لذلك يجتهد ابن سينا في علم الشعر المطلق، علم الشعر العام، الشعر ذاته لا يونانيا ولا عربيا. فالإبداع في علم الشعر الخاص طبقا للزمان والعادة على نحو تحصيلي وتفصيلي. ويقتصر ابن سينا في كتاب الشعر على درجة الانتفاع به في العلوم أي في مجموعة المنطق. كان ابن سينا إذن يريد الإبداع في بنية الشعر ولكنه كان مثقلا بالمعلومات حتى تاريخ الشعر، يعلن عن الهدف في النهاية. فالنقل وسيلة والإبداع غاية. ترك ابن سينا المجال مفتوحا لغيره من الأجيال اللاحقة للإبداع في علم الشعراء المطلق.
112
فهل تحققت النبوءة؟
والحقيقة أن ابن سينا يكمل الموضوع ويطوره. فقد بقي منه شطر صالح والآخر غير ذلك بعد التمثل والاحتواء. وإصدار حكم قيمة يدل على قدرة على النقد والتطوير. ويؤسس علم الشعر المطلق أي العلم العام انتقالا من الخاص اليوناني إلى النظرية العامة التي يمكن تطبيقها على الشعر العربي وغيره من أشعار الشعوب والأمم الأخرى. ويطبقه على الشعر العربي الحالي بسبب عادة الزمان ونقل النص اليوناني من الثقافة اليونانية إلى الثقافة العربية، ومن روح العصر القديم إلى روح العصر الحديث، وإعادة إنتاج كتاب الشعر مع مزيد من التفصيل. والغاية استقصاء الثقافات وإحصائها من أجل الانتفاع بها. وكلها علوم لأن الغاية تأسيس العلم. ويذكر المعلم الأول على الإطلاق دون تشخيص له باسم أرسطو، مجرد اللقب دون الشخص. ويشير إلى البيئة الجديدة التي يتم التلخيص فيها في هذه البلاد وظهور التلخيص في ثقافة وإقليم مختلفين تأسيسا للثقافة الوطنية. فالنقل مقدمة للإبداع، وليس غاية في ذاته، والاجتهاد مفتوح لكل الشعوب أسوة بروح الحضارة الإسلامية في الاجتهاد ورفض التقليد.
انتقل ابن سينا من الآخر إلى الأنا، من المحاكاة إلى التخييل، من أرسطو إلى عبد القاهر الجرجاني. ليس ذلك سوء فهم للمحاكاة بل نقلها من بيئة حضارية إلى بيئة أخرى. لم تعد المحاكاة موضوعا مستمرا، بل أصبحت موضوعا منقطعا، واستأنفه التخييل باستفاضة انتقالا من الشرح إلى التأليف، ومن النقل إلى الإبداع؛ فالشعر ليس منطقا برهانيا يعتمد على الدليل بل هو منطق إيحائي يعتمد على التخييل. ويجتمع عند ابن سينا التخييل مع التصديق. الشعر جزء من المنطق. والناس أطوع للتخييل منهم إلى التصديق. منطق التأثير للجماعة كما هو الحال في التصوير الفني والفن القصصي في القرآن، والمنطق الصور الخاصة. الخطابة للتصديق والشعر للتخييل. وسواء كان التخييل تصديقا نفسيا أم عقليا فكلاهما صحيح؛ فالتصديق مطابقة ليس بالضرورة مع الواقع بل قد تكون مع النفس. قام الشعر اليوناني على المحاكاة لأنه يقوم على الأفاعيل والأحوال في حين يقوم الشعر العربي على التخييل. وليس التخييل كالمحاكاة جزءا من الجمال بل هو كالاستدلال الشعري، والمحاكاة والتخييل عند ابن سينا مثل التمثيل والاستعارة عند اللغويين. لذلك جمع ابن سينا بين الوافد والموروث، وقرأ الوافد من خلال الموروث.
113
Halaman tidak diketahui