Naqd Kitab Islam Wa Usul Hukm

Muhammad Khidr Husayn d. 1377 AH
56

Naqd Kitab Islam Wa Usul Hukm

نقض كتاب الإسلام وأصول الحكم

Genre-genre

الإجماع الذي يستند إليه في تقرير الأحكام هو اتفاق مجتهدي الأمة على حكم شرعي، وهو في قضية الخلافة وجوب نصب الإمام. أما مبايعة الشخص المعين فإنه لا يشترط فيها اتفاق مجتهدي الأمة، بل المدار في انعقادها على جماعة من أهل الحل والعقد وإن لم يكن من بينهم مجتهد أصلا.

فإيراد المؤلف قصة يزيد طعنا في الإجماع المستدل به على حكم الخلافة تخبط في ليل دامس، والانتقال منها إلى قصة فيصل وتمثيل من خالفوا في انتخابه بمن دعاهم ابن خلدون شواذ خيال لا تقبله أذواق أهل العلم، وشاهد يوضح أن المؤلف لا يفرق بين الإجماع على وجوب الخلافة والاتفاق على مبايعة شخص بعينه. •••

قال المؤلف في ص32: «لو ثبت الإجماع الذي زعموا لما كان إجماعا يعتد به، فكيف وقد قالت الخوارج: لا يجب نصب الإمام أصلا، وكذلك قال الأصم من المعتزلة وقاله غيرهم أيضا كما سبقت الإشارة إليه؟ وحسبنا في هذا المقام نقضا لدعوى الإجماع أن يثبت عندنا خلاف الأصم والخوارج وغيرهم، وإن قال ابن خلدون: إنهم شواذ.»

لم يخالف في وجوب الإمامة جميع الخوارج، وإنما المخالفون طائفة منهم وهم النجدات، وقد نقلنا لكم آنفا قول ابن حزم في كتاب الفصل: اتفق جميع أهل السنة وجميع المرجئة وجميع الشيعة وجميع الخوارج على وجوب الإمامة، وأن الأمة يجب عليها الانقياد لإمام عادل ... حاشا النجدات من الخوارج.

أما الأصم فقد قال إمام الحرمين في تفنيد رأيه: «نصب الإمام عند الإمكان واجب، وذهب عبد الرحمن بن كيسان «هو الأصم» إلى أنه لا يجب، ويجوز ترك الناس أخيافا يلتطمون ائتلافا واختلافا، لا يجمعهم ضابط، ولا يربط شتات رأيهم رابط. وهذا الرجل هجوم على شق العصا، ومقابلة الحقوق بالعقوق، لا يهاب حجاب الإنصاف، ولا يستوعر أصواب الاعتساف، ولا يسمى إلا عند الانسلال عن ربقة الإجماع، والحيد عن سنن الاتباع، وهو مسبوق بإجماع من أشرقت عليه الشمس شارقة وغاربة، واتفاق مذاهب العلماء قاطبة.»

فالتحقيق أن مخالفة هذه الطائفة في قضية الخلافة لا يعتد بها، وليس لها في الطعن على الإجماع من أثر، ولا نجعل أقوالهم لاغية لكونهم من الطوائف التي يراها أهل السنة على غير حق؛ فإن خلاف أمثالهم في الأحكام الشرعية يمنع من انعقاد الإجماع، كما هو المختار عند الغزالي والآمدي وغيرهما، وإنما نصرف النظر عن مخالفتهم هذه لوجهين:

أحدهما:

أن خلافهم طرأ بعد انعقاد الإجماع ممن تقدمهم على وجوب نصب الإمام، وحدوث قول بعد انقراض العصر الذي انعقد فيه الإجماع على حكم شرعي مردود على وجه صاحبه.

ثانيهما:

أنهم قيدوا مخالفتهم بحال، وعلقوها على أمر لم تجربه السنن الكونية في هذه الحياة، وهو تواطؤ الأمة على العدل وتنفيذ أحكام الله فيما بينهم. وهذا التواطؤ مما دلت التجارب والمشاهدات الطويلة على أنه خارج عن طبيعة البشر، إلا أن ينقلب الناس ملائكة لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون!

Halaman tidak diketahui