Naqd Kitab Islam Wa Usul Hukm
نقض كتاب الإسلام وأصول الحكم
Genre-genre
فقوله: حمى الله في بلاده. لم يعزه المؤلف إلى قائل بعينه، ومعناه قريب المأخذ بعيد عن مواقع اللبس، فإن الحمى يقال على المكان الذي يحميه الشخص ويمنع غيره من أن يدانيه، فيرجع إلى معنى الحرم والكنف، ومعنى كون السلطان حمى الله أنه الحرم الذي يأمن به كل خائف، والكنف الذي يضرع إليه كل ذي خصومة.
وقوله: وظله الممدود على عباده. ليس بمستنكر؛ إذ قد روي في معناه حديث نبوي، وهو: «السلطان ظل الله في الأرض.» والمعنى أنه يدفع الأذى عن الناس كما يدفع الظل أذى حر الشمس.
4
وقوله: فولايته عامة ومطلقة كولاية الله تعالى ورسوله الكريم. هذا من مبالغاته التي تضع للخلافة في نفوس المستضعفين من الناس صورة مكروهة، ولو كان المؤلف يمشي في بحثه على صراط سوي لتحرى فيما ينطق به عن المسلمين أقوالهم المطابقة، وهم لم يقولوا: إن ولاية الخليفة عامة ومطلقة كولاية الله؛ فإن الله يفعل ما يشاء فيمن يشاء، ولا يسأل عما يفعل، والخليفة مقيد بقانون الشريعة ومسئول عن سائر أعماله، وكذلك رسول الله
صلى الله عليه وسلم
له خصائص لا يحوم عليها الطير ولا يبلغها مدى البصر، منها أن تصرفاته نافذة ولا تتلقى إلا بالتسليم، وتصرفات الخليفة قد تقابل بالمناقشة والنقض والإنكار، فإن عنى بالعموم والإطلاق مجرد تناولها للرقاب والأموال والأبضاع، قلنا له: إن نزاهة البحث والأخذ فيه بفضيلة الإنصاف يقضيان عليه بطرح هذه العبارة المرهقة بالعموم والإطلاق وتشبيه المخلوق بالخالق
أفمن يخلق كمن لا يخلق أفلا تذكرون .
قال المؤلف
5
عازيا إلى طوالع الأنوار وشرحه مطالع الأنظار: «ولا غرو أن يكون له حق التصرف في رقاب الناس وأموالهم وأبضاعهم.» قطف المؤلف هذه الجملة من أصلها وأطلقها خالية من الروح التي تجعلها حكمة جلية، فإن صاحب المطالع إنما ألقاها في نسق التعليل لأخذ العدالة شرطا من شروط الإمامة فقال: «الرابعة: أن يكون عدلا؛ لأنه يتصرف في رقاب الناس وأموالهم وأبضاعهم.» وقال شارحه في المطالع: «لو لم يكن - يعني الإمام - عدلا لم يؤمن تعديه، وصرف أموال الناس في مشتهياته، وتضيع حقوق المسلمين.»
Halaman tidak diketahui