Napoleon di Mesir
نابوليون بونابارت في مصر
Genre-genre
6
ومما يؤيد أن نابوليون وضع نصب عينيه اتباع سياسة «دعوى المحافظة على السيادة العثمانية» قوله في المنشور الذي سبقت الإشارة إليه آنفا، وسنأتي على نصه بعد في مكانه «ومع ذلك فإن الفرنساويين في كل وقت من الأوقات صاروا محبين مخلصين لحضرة السلطان العثماني، وأعداء أعدائه أدام الله ملكه.» وقوله أيضا في ختام ذلك المنشور: «أدام الله إجلال السلطاني العثماني.»
ومن الوسائل التي تذرع بها نابوليون لنشر دعوته في الشرق، وللتقرب من المسلمين والدولة العثمانية، أن أصدر أمره
7
بإعادة السبعمائة أسير تركي، الذين فك إسارهم من مالطة إلى بلادهم بطريق البر، وكان بعض أولئك الإسراء من أهالي طرابلس والجزائر وتونس ومراكش ودمشق وسوريا وأزمير ومن الآستانة أيضا، وأمر بأن يصرف لهم الغذاء الحسن واللباس الجيد ، وأن يعاملوا معاملة خاصة ووزعت عليهم مبالغ كافية من النقود يستطيعون بها السفر، وسلم إليهم بعض نسخ من المنشورات التي أعدت لتوزيعها على الشعب المصري، وقصد بذلك أن يذيعوا خبر انتصار الفرنسيين وقوتهم ونياتهم الحسنة نحو المسلمين، قال لاكروا: «ولم يسكت أولئك الأسرى عن نشر مكارم نابوليون فكانت أقوالهم هذه سببا لالتفاف القلوب حوله، وأثرت تأثيرا حسنا في الشرق كله.»
ولم تقف رغبة الفرنسيين في التقرب من المسلمين، ودعوى إبقاء السيادة العثمانية على مصر عند هذا الحد، بل اتخذ أيضا من الوسائل السياسية ما يلزم لذلك، فكلف «ليران» وزير الخارجية، سفير الجمهورية الفرنسية في الآستانة أن يؤكد للباب العالي، أن فرنسا لا تريد إلا أن تحل في مصر محل المماليك الذين استبدوا بالأمر وخلعوا سلطة جلالة السلطان، وأساءوا إلى الجمهورية الفرنسية، بسوء معاملتهم لأبنائها الذين قضت عليهم أشغالهم بالوجود في الإسكندرية، «من نص تعليمات وزير الخارجية» وسيظهر للقارئ أن كل هذه المجهودات والمساعي، لم تفد أمام مساعي إنكلترا وسياستها، أو تحريضها الدولة على استرداد مصر. •••
لما استقر قدم نابوليون بالإسكندرية شرع أولا في وضع نظام لحكومتها، فكان أول ما عمله أن أصدر أمرا إلى القواد يقضي باحترام الدين، وحقوق الأهالي وممتلكاتهم، وقد جاء في هذا الأمر:
يريد القائد العام أن يترك للأتراك «بريد الأهالي» الحرية التامة في تأدية واجباتهم الدينية في المساجد كما كانوا يفعلون من قبل، ويشدد كذلك في أن لا يدخل أي فرنسي، جندي كان أو غير جندي في المساجد، ولا أن يحتشدوا على أبوابها، وعليكم أيها القواد أن تصدروا الأوامر لكل ضابط فرقة بتلاوة هذه الأوامر على الجنود، وأن يقرأ عليهم أيضا الأمر الخاص بتجنب النهب والتعدي، ولكم أن تعاقبوا كل مخالف لهذه الأوامر بالقتل رميا بالرصاص، ومن المهم جدا أن يدفع الجنود ثمنا لكل ما يبتاعونه في المدينة ، وأن لا يسب الترك ولا يتعرض لهم؛ إذ يجب علينا أن نكون معهم على صفاء وأن لا نحارب إلا المماليك.
وترك أمر الأحكام والفصل في القضايا للقضاة المسلمين ، ثم شكل ديوانا أو مجلسا بلديا، مؤلفا من المشايخ وأعيان البلدة، قال أحد المؤرخين: إن نابوليون اختار سبعة من كبار الإسكندرية ولم يذكر منهم إلا اثنين هما السيد محمد كريم السابق ذكره والشيخ محمد المسيري كبير علماء الإسكندرية،
8
Halaman tidak diketahui