فصل في بيان وجوه الغلط في الأقوال الشارحة
وههنا مواضع يجب أن يراعى الاحتراز منها في الحدود فتعرف حتى لا يقع بإغفالها سهو فمن ذلك ما يقع في جانب الجنس ومنه ما يقع في جانب الفصل ومنه ما هو مشترك - وهذا المشترك هو أيضا مشترك للحد الناقص والرسم فمن الخطأ في الجنس أن يوضع الفصل مكانه كقول القائل إن العشق إفراط المحبة وإنما هو المحبة المفرطة ومن ذلك أن توضع المادة مكان الجنس كقولهم للكرسي أنه خشب يجلس عليه - وللسيف أنه حديد يقطع به فإن هذين الحدين قد أخذ فيهما المادة مكان الجنس ومن ذلك أن يؤخذ الهيولى التي عدمت وليست الآن موجودة مكان الجنس كقولهم للرماد إنه خشب محترق وهو ليس الآن خشب بل كان خشبا - ومن ذلك أخذهم الجزء مكان الجنس في حد الكل كقولهم إن العشرة خمسة وخمسة وأورد في التعليم الأول لهذا مثال آخر وهو قولهم إن الحيوان جسم ذو نفس: وفي تحقيق ذلك بحث دقيق ومن ذلك أن توضع الملكة مكان القوة والقوة مكان الملكة - وذلك في الأجناس المقدمة في أجزاء الحدود كقولهم إن العفيف هو الذي يقوى على اجتناب اللذات الشهوانية إذ الفاجر يقوى أيضا ولا يفعل فقد وضع إذا القوة مكان الملكة لاشتباه الملكة بالقوة لأن الملكة قوة ثابتة وكقولهم إن القادر على الظلم هو الذي من شأنه وطباعه النزوع إلى انتزاع ما ليس له من يد غيره فقد وضع الملكة مكان القوة لأن القادر على الظلم قد يكون عادلا ولا يظلم ولا تكون طباعه هكذا ومن ذلك أن تأخذ اسما مستعارا أو مشتبها كقول القائل إن الفهم موافقه وإن النفس عدد ومن ذلك أن تضع شيئا من اللوازم مكان الأجناس كالواحد والموجود ومن ذلك أن تضع النوع شيئا من اللوازم مكان الأجناس كالواحد والموجود ومن ذلك أن تضع النوع مكان الجنس كقولك إن الشر هو ظلم الناس والظلم نوع من الشر وأما من جهة الفصل فأن تأخذ اللوازم مكان الذاتيات وأن تأخذ الجنس مكان الفصل وأن تحسب الانفعالات فصولا والانفعالات إذا اشتدت بطل الشيء والفصول إذا اشتدت ثبت الشيء وقوي وأن تأخذ الأعراض فصولا للجواهر وأن تأخذ فصول الكيف غير الكيف وفصول المضاف غير المضاف لا ما إليه الاضافة وأما القوانين المشتركة فمثل أن تعرف الشيء بما هو أخفى كمن حد النار بأنها جسم شبيه بالنفس والنفس أخفى من النار ومثل أن يحد الشيء بما هو مساوله في المعرفة أو متأخر عنه في المعرفة: مثال المساوي له في المعرفة قولهم إن العدد كثرة من الآحاد والعدد والكثرة شيء واحد - فهذا قد أخذ نفس
Halaman 76