211

فصل في أنه يلزم على قول المخالفين أن يكون الله تعالى سابقا على الزمان والحركة بزمان

وأيضا فإن الأول بماذا يسبق أفعاله الحادثة أبذاته أم بالزمان فإن كان بذاته فقط مثل الواحد للاثنين وإن كانا معا بالزمان وكحركة المتحرك بأن يتحرك بحركة ما يتحرك عنه وإن كانا معا بالزمان فيجب أن يكون كلاهما محدثين أو قدم الأول وقدم الأفعال الكائنة عنه وإن كان قد سبق لا بذاته فقط بل بذاته وبالزمان بأن كان وحده ولا عالم ولا حركة ولا شك أن لفظة كان تدل على أمر مضى وليس الآن وخصوصا ويعقبه قولك ثم فقد كان كون ثم مضى قبل أن خلق الخلق وذلك الخلق متناه فقد كان إذا زمان قبل الحركة والزمان لأن الماضي إما بذاته وهو الزمان وإما بالزمان وهو الحركة وما فيها ومعها فقد بان لك هذا فإن لم يسبق بأمر هو ماض للوقت الأول من حدوث الخلق فهو حادث مع حدوثه وكيف لا يكون سبق على أوضاعهم بأمر ماض للوقت الأول من الخلقة وقد كان ولا خلق وكان وخلق وليس كان ولا خلق ثابتا عند كونه كان وخلق ولا كونه قبل الخلق ثابت مع كونه مع الخلق ولا كان خلق هو وجوده مع عدم الخلق بلا شيء ثالث فإن وجود ذاته وعدم الخلق موصوف بأنه قد كان وليس الآن وتحت قولنا كان معنى معقول دون معقول الأمرين لأنك إذا قلت وجود ذات وعدم ذات لم يكن مفهوما منه السبق بل قد يصح أن يفهم معه التأخر فإنه لو عدمت الأشياء صح وجوده وعدم الأشياء ولم يصح أن يقال لذلك كان بل إنما يفهم السبق بشرط ثالث فوجود الذات شيء وعدم الذات شيء ومفهوم كان شيء موجود غير المعنيين وقد وضع هذا المعنى للخالق عز ذكره ممتدا لا عن بداية وجوز فيه أن يخلق قبل أي وقت توهم فيه أنه خلق فإذا كان هذا هكذا كانت هذه القبلية مقدرة مكممة وهذا هو الذي تسميه الزمان إذ تقديره ليس تقدير ذي وضع ولا ثبات بل على سبيل التجدد ثم إن شئت فتأمل أقاويلنا الطبيعية إذ بينا أن ما يدل عليه معنى كان ويكون عارض لهيئة غير قارة والهيئة الغير القارة هي الحركة فإذا تحققت علمت أن الأول إنما سبق الخلق

Halaman 211