170

عرضا فالتثنية وما أشبهها أعراض. والعدد يقال للصورة القارة التي في النفس وحكمها حكم سائر المعقولات ولسنا نقصد قصدها في كونها عرضا أو غير عرض ويقال للعدد الذي في الأشياء المجتمعة التي كل واحد منها واحد ولجملتها في الوجود لا محالة عدد.

فصل في أن الوحدة من لوازم الماهيات لا من مقوماتها لكن طبيعة الواحد من الأعراض اللازمة للأشياء وليس الواحد مقوما لماهية شيء من الأشياء بل تكون الماهية شيئا إما إنسانا وإما فرسا أو عقلا أو نفسا: ثم يكون ذلك موصوفا بأنه واحد وموجود ولذلك ليس فهمك ماهية شيء من الأشياء وفهمك الواحد يوجب أن يصح لك أنه واحد فالواحدية ليست ذات شيء منها ولا مقومة لذاته بل صفة لازمة لذاته - كما فهمت الفرق بين اللازم والذاتي في المنطق فتكون الواحدية من اللوازم وليست جوهرا لشيء من الجواهر ولذلك المادة يعرض لها الوحدة والتكثر فتكون الوحدة عارضة لها وكذلك الكثرة ولو كانت طبيعة الوحدة طبيعة الجوهر لكان لا يوصف بها إلا الجوهر وليس يجب إن كانت طبيعتها طبيعة العرض أن لا توصف بها الجواهر لأن الجواهر توصف بالأعراض - وأما الأعراض فلا تحمل عليها الجواهر حتى يشتق لها منها الاسم فقد بان بهذه الوجوه الثلاثة التي أحدها كون الوحدة غير ذاتية للجواهر بل لازمة لها - والثاني كون الوحدة معاقبة للكثرة في المادة - والثالث كون الوحدة مقولة على الأعراض أن طبيعة الوحدة طبيعة عرضية - وكذلك طبيعة العدد الذي يتبع الوحدة ويتركب منها.

فصل في أن الكيفيات المحسوسة أعراض لا جواهر

ويشكل أيضا الحال من مقولة الكيف فيما كان من باب المحسوسات فيظن البياض والسواد والحرارة والبرودة وما أشبهها جواهر وأنها تخالط الأجسام بكمون وغير كمون أو تتركب منها الأجسام " فلنتكلم في فسخ هذا الرأي فنقول " إن هذه الكيفيات إن كانت جواهر إما أن تكون جواهر جسمانية أو غير جسمانية فإن كانت غير جسمانية فإما أن تكون بحيث يجتمع من تركيبها الأجسام أو لا يجتمع فإن كانت لا تجتمع وهي سارية في الأجسام فإما أن تكون بحيث يصح أن تفارق الجسم الذي هي فيه أولا يصح فإن كان يصح أن تفارق الجسم. فأما أن تنتقل من جسم إلى جسم آخر وتسري فيه ويكون هكذا دائما أو يصح أن لا تبقى في جسم أصلا -

Halaman 170