131

المقالة السادسة في النفس

وقد يتكون من هذه العناصر أكوان أيضا بسبب القوى الفلكية إذا امتزجت العناصر امتزاجا أكثر اعتدالا أي أقرب إلى الاعتدال من هذه المذكورة وأولها النبات فمنه ما يكون مبزرا يفرز جسما حاملا للقوة المولدة ومنه كائن من تلقاء نفسه من غير بزر ولأن النبات يغتذي بذاته فله قوة غاذية ولأن النبات ينمى بذاته فله قوة منمية ولأن من النبات ما يولد المثل ويتولد عن المثل بذاته فله قوة مولدة والقوة المولدة غير الغاذية فإن الفج من الثمار له القوة الغاذية دون المولدة وكذلك القوة المنمية دون المولدة والغذية غير المنمية ألا ترى الهرم من الحيوان فإن له الغاذية وليس له المنمية والغاذية تفعل الغذاء وتورده بدل ما يتحلل والمنمية تزيد في جوهر الأعضاء الأصلية طولا وعرضا وعمقا لا كيف اتفق بل على جهة تبلغ غاية النشو: والمولدة تعطي المادة صورة الشيء وتبين منه جزأ وتحله قوة من سنخه وإذا وجدت المادة - والموضع المتهيء لقبول فعله فعل مثله ومعلوم مما سلف أن جميع الأفعال النباتية والحيوانية والانسانية تكون من قوى زائدة على الجسمية بل وعلى طبيعة المزاج ويلي النبات الحيوان وإنما يحدث عن تركيب في العناصر مزاجه أقرب إلى الاعتدال جدا من الأولين يستعد مزاجه لقبول النفس الحيوانية بعد أن يستوفي درجة النفس النباتية وكلما أمعن في الاعتدال ازداد قبولا لقوة نفسانية أخرى ألطف من الأولى والنفس كجنس واحد ينقسم بضرب من القسمة إلى ثلاثة أقسام " أحدها " النباتية وهي " كمال أول لجسم آلي " من جهة ما يتولد ويربو ويغتذي والغذاء جسم من شأنه أن يتشبه بطبيعة الجسم الذي قيل إنه غذاؤه ويزيد فيه بمقدار ما يتحلل أو أكثر أو أقل " والثاني " النفس الحيوانية وهي كمال أول الجسم طبيعي آلي من جهة ما يدرك الجزئيات ويتحرك بالارادة " والثالث " النفس الانسانية وهي كمال أولي لجسم طبيعي آلي من جهة ما يدرك الأمور الكلية وللنفس النباتية قوى ثلاث القوة الغاذية وهي القوة التي تحيل جسما آخر إلى مشاكلة الجسم الذي هي فيه فتلصقه به بدل ما يتحلل عنه والقوة المنمية وهي قوة تزيد في الجسم الذي هي فيه بالجسم المتشبه في أقطاره طولا وعرضا وعمقا متناسبة للقدر الواجب لتبلغ به كماله في النشو والقوة المولدة وهي القوة التي تأخذ من الجسم الذي هي فيه جزأ هو شبيه له بالقوة فتنفعل فيه باستمداد أجسام أخرى تتشبه به من التخليق والتمزيج ما يصير شبيها به بالفعل.

Halaman 131