128

بين البخار والدخان من الأجسام المائية والأرضية ولأن الأرض والماء يوجدان في أكثر الأحوال متمازجين فليس يوجد بخار بسيط ولا دخان بسيط إلا ندرة وشذوذا وإنما يسمى التأثير باسم الاغلب والبخار أقل مسافة في صعوده من الدخان لأن الماء إذا سخن كان حارا رطبا والأجزاء الأرضية إذا سخنت ولطفت كانت حارة يابسة والحار الرطب أقرب إلى طبيعة الهواء والحار اليابس أقرب إلى طبيعة النار واليبس كأنه يوجب زيادة في الحركة إلى جهة فوق وإذا كان البخار حارا رطبا لم يمكن أن يتجاوز حيز الحار الرطب بل يقصر عنه فإذا لا يتعدى صعود حيز الهواء بل إذا وافى الطبقة الثانية من الهواء والبخار ومنقطع تأثير الشعاع برد وكثف وأما الدخان فإنه يتعدى حيز الهواء حتى يوافي تخوم النار هذا إذا تأتى أن يتخلصا من جرمي الأرض والماء وأما إذا احتبسا فيهما حدثت أمور وكائنات أخرى غير التي تحدث عن المتخلصين منهما فالدخان إذا وافى حيز النار اشتعل وإذا اشتعل فربما سرى فيه الاشتعال فيرى أن كوكبا يقذف به وربما لم يشتعل بل احترق وثبت فيه الاحتراق فرئيت العلامات الهائلة الحمر والسود وربما اشتعل وكان غليظا ممتدا فيثبت فيه الاشتعال ووقف تحت كوكب ودارت به النار الدائرة بدوران الفلك وكان ذنبا له وربما كان عريضا فرأى كأنه لحية للكوكب وربما حميت الأدخنة في برد الهواء للتعاقب المذكور فانضغطت مشتعلة - وأما البخار الصاعد فمنه ما يلطف جدا ويرتفع جدا فيتراكم ويكثر مدده في أقصى الهواء عند منقطع الشعاع فيبرد فيكثف فيقطر فيكون المتكاثف منه سحابا والقاطر مطرا ومنه ما يقصر لثقله عن الارتفاع بل يبرد سريعا وينزل كما لو يوافيه برد الليل سريعا قبل أن يتراكم سحابا وهذا هو الطل وربما جمد البخار المتراكم في الأعالي أعني السحابتنزل ثلجا وربما جمد البخار الغير المتراكم في الأعالي أعني مادة الطل فنزل وكان صقيعا وربما جمد البخار بعدما استحال قطرات فكان بردا وإنما يكون جموده في الشتاء وقد فارق السحاب وفي الربيع وهو داخل السحاب وذلك إذا سخن خارجه فبطنت البرودة إلى داخله فتكاثف في داخله واستحال ماء وأجمده شدة البرودة وربما تكاثف الهواء بنفسه لشدة البرد فاستحال سحابا واستحال مطرا ثم ربما وقع على صقيل الظاهر من السحاب وأجزائها صور النيرات وأضواؤها كما يقع في المرايا والجدران الصقيلة فيرى ذلك على أحوال مختلفة بحسب اختلاف بعدها من النير وقربها وبعدها من الرائي وقربها وصفائها وكدورتها واستوائها وتضرسها وكثرتها وقلتها فيرى هالة وقوسا وشموسا وشعلا: والهالة

Halaman 128