Nahj Haqq
نهج الحق وكشف الصدق
Genre-genre
عنهم قالوا ربنا أرنا الذين أضلانا من الجن والإنس نجعلهما تحت أقدامنا ليكونا من الأسفلين (1) ولا يعذر بقصر العمر فهو طويل على الكفر لوضوح الأدلة وظهورها ولا بعدم المرشدين فالرسل متواترة والأئمة متتابعة والعلماء متضافرة. ومنها أنه يلزم تجويز تعذيب أعظم المطيعين لله تعالى كالنبي ص بأعظم أنواع العذاب وإثابة أعظم العاصين له كإبليس وفرعون بأعظم مراتب الثواب لأنه إذا كان يفعل لا لغرض وغاية ولا لكون الفعل حسنا ولا يترك الفعل لكونه قبيحا بل مجانا لغير غرض لم يكن تفاوت بين سيد المرسلين وبين إبليس في الثواب والعقاب فإنه لا يثيب المطيع لطاعته ولا يعاقب العاصي لعصيانه فهذان الوصفان إذا تجردا عند الاعتبار في الإثابة والانتقام لم يكن لأحدهما أولوية الثواب ولا العقاب دون الآخر. فهل يجوز لعاقل يخاف الله تعالى وعقابه أن يعتقد في الله تعالى مثل هذه العقائد الفاسدة مع أن الواحد منا لو نسب غيره إلى أنه يسيء إلى من أحسن إليه ويحسن إلى من أساء إليه قابله بالشتم والسب ولم يرض ذلك منه فكيف يليق أن ينسب ربه إلى شيء يكرهه أدون الناس لنفسه
المطلب الخامس في أنه تعالى يريد الطاعات ويكره المعاصي
هذا مذهب الإمامية قالوا إن الله تعالى أراد الطاعات ولم يرد المعاصي سواء وقعت أو لا وكره المعاصي سواء وقعت أم لا ولم يكره الطاعات سواء وقعت أم لا. وخالفت الأشاعرة مقتضى العقل والنقل في ذلك فذهبوا إلى أن الله
(1) فصلت: 29.
Halaman 94