فأما العَروض، وهي مؤنّثة، فهي ميزانُ الشعرِ يُستخرجُ بها صحيحُه من مكسوره. والشعر كلّه مرَكّبٌ من سَبَبٍ، ووتدٍ وفاصلة والسبب سببان والوتد وتدان والفاصلة فاصلتان، وتقطيعُ الشعر على اللفظ دون الخطّ، وكلّ حرفٍ مشددٍ بحرفين: الأول ساكنٌ، والثاني متحرّك. والفرقُ بين الساكن والمتحركِ أنّ الساكنَ تتعاقبُ عليه الحركاتُ الثلاث، والمتحرك قد اختصّ بإحداهُنّ. والأمثلة التي يُقَطَّع بها الشعرُ ثمانية: اثنان خُماسيان وهما فَعولُن، فاعِلن، وستةٌ سباعية وهم: مفاعيلُن، مُسْتَفْعِلُنْ، فاعلاتُن، مُفاعَلَتُن، مُتَفاعِلن، مَفْعولاتُ، وما جاء بعد ذلك فهو زِحافٌ لهُ، أو فرْعٌ عليه. والزحافُ جائز كالأصل والكَسْر ممتنعٌ، والزحافُ لا يقعُ إلا في الأسباب، والخَرْمُ والقَطْعُ لا يقعان إلا في الأوتاد. والعروضُ اسمٌ لآخر جزء في النصف الأول من البيت، والضربُ اسمٌ لآخر جُزء في النصف الآخر من البيت. وكل بيتٍ مَصَرَّعٍ فعَروضُه على زِنَةِ ضربِه أو ما يجوز في ضربه. والتصريعُ مُشبّهٌ بمصراعي الباب، وإذا خلا البيت من التصريع سُمّي المُصْمَت. والشّعرُ كلُه أربعٌ وثلاثون عَروضًا، وثلاثة وستون ضربًا وخمسة عشر بحرًا، وشرْحُ ذلك قد فرَغَ منه العَروضيون في كتبهم، فاعرفْهُ.
٧ - وأما القوافي، فإن القافية مختلَف فيها: فعند أبي الحسن الأخفش ومن تابَعَه من المُقَفّين: أن القافيةَ آخرُ كلمة في البيت. وقال: إنما سُمّيت قافيةً لأنها تقفو البيت. وعند النَّضْر بن شُمَيْل ومؤرّج وأبي عمر الجَرْمي، أنها النصفُ الأخير من البيت. وقيلَ بل هي البيت بكمالِه، وقيل بل القصيدةُ بجُملتها. وعند الخليل بن أحمد: أنّ القافية من آخر البيت الى أول ساكنٍ يليه مع المتحرِّك الذي قبل الساكن، وعلى قوله الاعتمادُ، فإن القول ما قالت حَذام. والقافية تنقسمُ الى ثلاثة أشياء: أصول، وحروف، وحركات.
فالأصول: مُتكاوسٌ، مُتراكبٌ، مُتدارِكٌ، مُتواتِرٌ، مُترادِف.
والحروف: الدخيلُ، والتأسيسُ، والرِّدف، والخروج، والوصل، والرويّ.
والحركات: التوجيهُ، والإشباعُ، والرَّسُّ، والحَذْو، والنَّفاذُ، والمَجْرى.
ويعرُضُ في القافية عيوبٌ أربعة وهي: الإكفاءُ، والإقواء، والإيطاء، والسِّنادُ، والتضمين وهو أن البيت لا يتمّ إلا بالذي يليه وهو من عيوب الشعر المكروهة. وقد نُظِمَ هذا شِعرًا. قال الشاعر:
القوافي مُخَمّساتٌ ثلاثٌ ... حرَكاتٌ وأحرُفٌ وفَسادُ
فابتِداها رَسٌ وحَذْوٌ وإشبا ... عٌ ومجرىً، وفي النّفاذِ العَتادُ
والحروف: الرّويُّ والرِّدفُ والتأ ... سيسُ والوَصْلُ والخروجُ العِمادُ
والعيوب: الإيطاء والإقوا والإك ... فا وفيها التضمينُ ثمّ السِّنادُ
وقال الآخر:
حروفُ القوافي ستّةٌ مُستبينةٌ ... يُجمِّعُ أشتاتًا لهنّ نظامُ
رَويٌّ ووصْلٌ والخُروجُ ورِدفُها ... وتأسيسُها ثمّ الدخيلُ تمامُ
ويلزمها من بعدِ ذا حركاتُها ... كذلك سِتٌّ صاغَهنّ إمامُ
فمَجْرًى وتوجيهٌ وحَذْوٌ ورسُّها ... وإشباعُها ثمّ النّفاذُ دِعامُ
وجميع حروف المعجم تكون رويًّا إلا الواو والياءَ والألفَ، الزوائد السواكنَ اللواتي تَتْبَعْن ما قبلهنّ، فإنهنّ لا يكنّ رويًّا البتّةَ، وألِفُ التثنيةِ وواوُ الجمْعِ وياءُ ضمير المؤنث، لا يكنّ رويًّا، والألف المُبْدَلةُ من التنوين في نحو قولك رأيتُ زيدًا لا يكون رويًّا والنون الخفيفة نحو قولك اضْرِبَنْ، والهمزة المُبْدَلةُ من ألِف التأنيث في الوقْف نحو قولِك هذه حُبلاء، وهاءُ الوقفِ، وهء الإضمار، وهاءُ التأنيث، كلّ هذه لا تكون رويًّا. فإن سكَن ما قبلَ هذه الهاءات كنّ رويًّا، والهاء الأصلية يجوز أن تكون رويًا، سكن ما قبلها أو تحرّك، كقوْل رؤبة بن العجّاج:
قتلتْ أُبَيْلَى لي ولم أُشبّهِ ... ما العيْشُ إلا غَفْلَة المُدَلّهِ
لما رأتْني خلَقَ المُمَوَّهِ ... برّاقَ أصْلادِ الجَبين الأجْلَهِ
بعدَ غُدافيِّ الشّباب الأبْلَهِ
1 / 7