الهدية ثم أرسلت إليه مع العجوز عنبرًا على زر ذهب وربطت ذلك في المنديل وقالت هذا جواب رقعته فلما رأى كريم الملك ذلك لم يفهم معناه وتحير في أمره وكانت له ابنة صغيرة السن فراته متحيرًا في ذلك فقالت يا أبت أنا فهمت معناه قال وما هو لله درك فأنشدت تقول:
أهدت لك العنبر في جوفه ... زرّ من التبر خفيّ اللحام
فالزر والعنبر معناهما ... زر هكذا مختفيًا في الظلام
قال الراوي فعجب من فصاحتها وفطانتها.
حكاية: قيل إن الرشيد حصل له في بعض الليالي قلق فوقع في نفسه أن يفتح حجر الجواري ويتنزه فيهن ففتح مقصورة فوقع نظره على جارية ووجدها نائمة مغطاة بشعرها فأيقظها فلما علمت به فتحت عينها فرأت الخليفة فقالت يا أمين الله ما هذا الخبر فأجابها.
هو ضيف طارق في أرضكم ... هل تضيفوه إلى وقت السحر
فأجابت
بسرور سيدي أخدمه ... إن رضي بي وبسمعي والبصر
فأجابت
فلما أصبح قال من بالباب من الشعراء قيل أبو نواس فقال علي به فدخل فقال أجز: يا أمين الله ما هذا الخبر، فأطرق ساعة ورفع رأسه وأنشد يقول
طال ليلي حين وافا لي السهر ... فتفكرت فأحسنت الفكر
قمت أمشي في مجالي ساعة ... ثم أخرى في مقاصير الحجر
وإذا وجه جميل حسن ... زانه الرحمن من بين البشر
فلمست الرجل منها موقظًا ... فرنت نحوي ومدت للبصر
وأشارت وهي قائلة ... يا أمين الله ما هذا الخبر
قلت ضيف طارق في أرضكم ... هل تضيفوه إلى وقت السحر
فأجابت بسرور سيدي ... أخدم الضيف بسمعي والبصر
قال فنظر إليه الخليفة وقال والله كنت معنا قال لا وحياتك يا أمير المؤمنين وإنما الشعر الذي ألجأني إلى ذلك فتعجب منه وأحسن صلته.
حكاية: عن بعض الأدباء أنه قال كان خالد الكاتب مغرمًا بالملاح وكان قد توسوس في آخر عمره فرأيته يخاطب غلامًا مليحًا ويقول له وهو راكب على قصبة ما آن أن يرحمني قلبك فقال له الغلام لا فقال خالد حتى متى يلعب بي حبك فقال الغلام أبدًا فقال خالد وكم أقاسي فيك جهد
1 / 5