المستور داخل في مسمى الشاذ؛ لِمَا أَذِنَ به كلامُه (١) من أن رواية المستور الذي لا يتهم بالكذب على قسمين:
= وعليه يمكن أن نقول: إن الترمذي قصد بالعبارتين السابقتين نفي نوع من الشذوذ ونوع من النكارة يناسبان قصور مرتبة رواة الحسن لغيره.
فمقصوده بالشاذ ما تفرد به مستور الحال، أو سيء الحفظ، ونحوه من المضعف بأخف من تهمة الكذب ونحوها كفحش الخطأ، مع وجود مخالف لهؤلاء أرجح منهم بقوته أو كثرة عدده، ونحو ذلك من المرجحات، والشاذ بهذا المعنى قد نسب السخاوي للأكثرين تسميته منكرًا/ فتح المغيث ١/ ١٩٩.
أما قوله: "ويروى من غير وجه نحوه" فيكون مقصودًا به شرط آخر وهو تعدد طرق الحسن لغيره بمتابع أو شاهد، ولو لم يوجد مخالف أرجح، انظر الافصاح / ١٤٣ أ، ٤٧ أ.
وبهذا الشرط ينتفي عن الحسن أحد قسمي المنكر وهو ما تفرد به راويه ولو لم يُخَالَف، كما يوجد في إطلاق الامام أحمد وغيره/ فتح المغيث للسخاوي ١/ ١٩٨، ١٩٩.
وعلى هذا التفسير للعبارتين تكون كل منهما أفادت شرطًا خاصًا، ويتحقق بذلك التأسيس الذي هدف اليه الحافظ ابن حجر كما مر، ويندفع عن الحسن الشذوذ والنكارة.
ولعله بهذا يطابق التعريف المعرف وأمثلته، لا سيما في جامع الترمذي الذي أكثر فيه من هذا النوع من الحسن.
(١) يقصد قول الترمذي: كل حديث يروى لا يكون في إسناده من يتهم بالكذب/ جامع الترمذي - كتاب العلل ٥/ ٤١٢ فيدخل فيه المستور؛ لكن يلاحظ أنه لا يقتصر عليه بل يدخل أيضًا المجهول، وسيء الحفظ، ونحوهما مما خلا عن تهمة الكذب ونحوها كما تقدم/ وانظر النكت الوفية/ ٦١ ب وفتح المغيث للسخاوي ١/ ٦٣.