165

وقد طعن أبو مسلم محمد بن بحر الاصبهاني على هذا الجواب وضعفه وأورد عليه كلاما طويلا جملته أن قال : إن الاسم غير المسمى ، فلو كانت هذه الفواتح أسماء للسور ، لوجب أن تكون غيرها ولا تكون منها.

وقد أجمع المسلمون قرائهم وغير قرائهم على أن هذه الفواتح من السور ومعدودة في جملة آيها ، وهذا يوجب مع القول بالاسم غير المسمى ، أنها ليست بأسماء.

والجواب عن ذلك : أن هذه الاسماء ليست غير السور ، وهي منها على وجه ، وإن كانت خارجة من جملتها على وجه آخر ، فهي من حيث كانت أسماء لها وألقابا عليها خارجة عنها ؛ لأن الاسم لا بد من أن يكون في حكم الغير المسمى ، وهي من حيث كانت قرآنا منزلا متعبدا بتلاوته من جملة السور ؛ لأنا أمرنا أن نتلوها في جملتها ونبتدىء بها ثم نتبعها بالسورة ، ولا يمتنع في الاسم أن يكون بينه وبين المسمى مشاركة من وجه ، وإن كان يدخل معه في جهة أخرى.

ألا ترى أن هذا الاسم محدث وفعل من الافعال وموجود ومدرك ، وكل هذا قائم في المسمى ، وليس لأحد أن يقول : قد جعلتموه داخلا مع المسمى وغير متميز منه ؛ لأنا لم نفعل ذلك من حيث كان اسما ، وانما جمعنا بينه وبين المسمى من وجه لم يكن فيه إسما للمسمى ، فكذلك القول في هذه الفواتح.

ومن عجيب أمر أبي مسلم أنه أعرض عن هذا الجواب وتغلغل فيه إلى ما حكيناه عنه ، ورد أيضا غيره من الأجوبة المردودة لعمري في أنفسها ، ثم أختار جوابا ظاهر الضعف ، بين الفساد ، ونحن نبتدىء بالكلام عليه قبل غيره مما نريد أن نبين فساده.

قال أبو مسلم بعد أن اعترض أجوبة غيره في معنى هذه الحروف :

«والذي عندنا في هذه الحروف أن حروف المعجم لما كانت أصل كلام العرب الذي منها يبنى ويؤلف ، افتتح الله تعالى السورة بهذه الحروف المقطعة

Halaman 283