وأما مؤلفه (طيب السمر في أوقات السحر) فهو من أحسن كتب التاريخ المتأخرة، وقد جمع فيه فأوعى وخرج في مجلدين ضخمين، ولكنه لا يتميز فيه في حال الرجل المترجم له كلية التمييز لالتزامه فيه التسجيع من أوله إلى آخره؛ وربما سارع القاضي رحمه الله إلى الإعتراض (1) بما لا ورود له أو بما يتسامح بمثله أو بما قد كثر وشاع وروده، والأمر في ذلك سهل، وكان صاحب الترجمة طويل الباع، واسع الإطلاع، حسن المحاضرة، لطيف المذاكرة، طيب الأخلاق طويل النفس في الرسائل والخطب، عظيم التمكن من الإنشاء، وقد ترجم له صاحب (النسمة) (2) وأثنى عليه وذكر شيئا من أشعاره، ومكاتباته إليه، وكذلك المولى إسحاق(3)، وسيدي محسن بن الحسن (4) في تاريخه وغيرهم.
وله ديوان شعر جمعه لنفسه، وديوان آخر في شعره الملحون، وديوان صغير جمعه في جميع أنواع الجناس.
فمن شعره مجيبا على سيدي محمد بن الحسين الكوكباني الحمزي الآتي ذكره وهو قوله:
كنت زفرة الجوانح منا
ذكروا العهد بعد طول تجاف
كاتبونا فكل صب معنى
ألف سهلا منهم بمن حل قلبا
لحظة ينصب الفؤاد لهم
كم لقينا على هواه هوانا
رشاشا كل المحب بخصر
خضب الكف بالمدامع لما
آه لهفي على النقا وهو خد
رمت كتما فلست أول صب
مثل ذكري للرمح وهو يراع
فهو رمح على الحقيقة إلا ?
?
حين جادوا بالوصل فضلا ومنا
فظفرنا بالقرب منهم وفزنا
لم يزل بعد في المحبة قنا[40أ-ج]
لنواة وطول ذا البعد مضنا
وهو عند العتاب يكسر جفنا
وحوينا فيه اكتئابا وحزنا (5)
ذي اختصار قد كاد للسقم يفنا (6)
Halaman 137