أصبح واحدا من قافلة الرجال، والأمهات على الرجال عبء.
وقبل أن تئن أو تدور بها الدنيا.
أحست أنها لا تريد الأنين، وأن باستطاعتها أن توقف الدوار؛ فهي ليست عاتبة أو حزينة أو مندهشة، أو حتى حاقدة على الفتاة أو عليه. أدركت - من خلال إحساس غير واضح وبلا ضغينة - أنها هي الأخرى لم يعد لديها ما تعطيه أو تمنحه، لا فائض أمومة ولا فائض عواطف، والبركان الأخضر الريان لم تعد به قطرة واحدة.
وفي مرآة حقيبتها رأت البياض في شعرها واضحا تماما رغم الصبغة، والتجاعيد كثيرة حول جفونها ورقبتها.
وتحركت.
مبتعدة.
ومقتربة من المسجد.
واستأذنت في سرها، وكأن جاءها الإذن؛ ففي خشوع وتسليم ورغبة دخلت، وإلى المقام اتجهت.
ووقفت طويلا لا تعرف ماذا تقول أو تفعل.
ثم، وكأنما بالوحي أو السليقة اقتربت من السور النحاسي المقام حول الضريح، وأمسكت مع الممسكين والممسكات بحلقة من حلقات النحاس الناعم الذي أثخنته كثرة الاستعمار، أمسكت بالحلقة، وضغطت عليها، وتشبثت تماما بها وكأنما الأرض تحتها، تنفتح لتبتلعها.
Halaman tidak diketahui