حينئذ دنا منه بناء وقال له: هات حدثنا عن البيوت.
فأجاب وقال:
ابن من خيالك مظلة في الصحراء قبل أن تبني بيتا في داخل أسوار المدينة؛
لأنه كما أن لك بيتا مقبلا في شفق حياتك، كذلك للغريب الهائم فيك بيت كبيتك.
إن بيتك هو جسدك الأكبر.
ينمو في حرارة الشمس وينام في سكينة الليل، وكثيرا ما ترافق نومه الأحلام، أفلا يحلم بيتك؟ وهل يترك الحلم المدينة ويسير إلى الغابة أم إلى رأس التلة؟
أواه، لو أستطيع أن أجمع بيوتكم بيدي، فأبددها في الأحراج والرياض كما يبذر الزارع زرعه في الحقول.
أود لو كانت الأودية شوارع لكم، ومسالك التلال الخضراء أزقة تطرقها أقدامكم عوضا عن أزقتكم وشوارعكم القذرة، ويا ليتكم تنشدون بعضكم بعضا بين الدوالي والكروم ثم تعودون حاملين عطر الأرض في طيات أثوابكم.
ولكن هذه جميعها تمنيات لم تحن ساعتها بعد؛
لأن آباءكم وجدودكم إذ خافوا عليكم الضياع والضلال جمعوكم معا لكي تكونوا قريبين بعضكم من بعض، وسيبقى هذا الخوف مجمعا لكم زمنا بعد، وستظل أسوار المدينة فاصلة مواقدكم عن حقولكم، ولكن إلى حين.
Halaman tidak diketahui