Nabi Musa dan Hari-Hari Terakhir Tel el-Amarna (Bahagian Pertama): Ensiklopedia Sejarah Geografi Etnik Agama
النبي موسى وآخر أيام تل العمارنة (الجزء الأول): موسوعة تاريخية جغرافية إثنية دينية
Genre-genre
وعلى نفس الخط أخذ أحد أساتذة التاريخ المصري القديم على عاتقه، شن حملة على الكتاب متهما إياه أنه يشوه تاريخ مصر، ووقف إلى جواره بعض محبي المصريات، انطلاقا من تقدسيهم الفرعون إخناتون، بحسبانه أول الموحدين في التاريخ، وأن كتابي يكشف أنه لم يكن كذلك حقا، وأن على إخناتون مآخذ أخلاقية كثيرة، بمقاييسنا الأخلاقية اليوم، وأنه ارتكب في سبيل دروشته الدينية وتعصبه وتطرفه، أول لون من الاضطهاد الديني الواسع النطاق في مصر، التي عاشت زمنها السابق له في حرية دينية شبه مطلقة، وأن تلك الحرية على مستوى الضمير والفكر، كانت السبب وراء إبداعاتها العبقرية، رغم مركزيتها الصارمة على مستوى الإدارة، فكان إخناتون أول متعصب طائفي قوي في تاريخ مصر، قضى على التعددية العقدية والحريات، لصالح ربه آتون وحده، مما أدى إلى تردي أحوال إمبراطوريته، وعودة مصر إلى الانكماش داخل حدودها، نتيجة قراراته اللاهوتية وفاشيته الطائفية.
لكن الكثير من محبي المصريات في بلادنا، يعاملون إخناتون بذوق إسلامي، بحسبان التوحيد أرقى القمم العقدية، التي يريدون كسبها لمصر قبل الآخرين، وأنها كانت سباقة في كل شأن وأمر، حتى في فكرة التوحيد العزيزة إسلاميا، ومن ثم يكون أي كشف موضوعي بشأن إخناتون، هو إهانة لمصر وتشويها لتاريخها، يصب في مصلحة العدو الصهيوني الإمبريالي الإسرائيلي الأمريكي الطاغوتي ... إلخ (؟!).
ويجمع بين الموقفين أن أحدهما اتهامي، يشكك في الولاء للوطن وتاريخه، والآخر شتام تخويني وطنيا ودينيا، يعتمد على استثارة الغرائز الدينية والعنصرية؛ ولأن كتابي ليس فيه ما يدعم أيا من الموقفين، فلم أجد سببا موضوعيا لكل تلك الهجمة الشرسة سوى السبب النفسي؛ لأنه رغم أن الوصايا التوراتية كانت توصي: لا تشته امرأة جارك ولا بيته ولا حقله ولا حماره. فإنها لم تلتفت إلى أن هناك من يشتهي الملكات والقدرات والجهد، وهو مما لا يمكن اكتسابه إلا بالكد والعنت والمشقة والتفاني، وأخذ النفس بالشدة والقسوة، وهم لا يريدون أن يبذلوا جهدا مماثلا، ومع العجز تبدأ الكراهية، ومع الكراهية تبدأ حملات التشويه، وليس بيدي سبب آخر، أبرر به تلك المواقف غير هذا.
أما الصوت الذي لم يجد سبيله إلى السماع، بعد أن ضاع بين صخب تلك الأصوات، فهو الصوت الموضوعي المحترم، الذي أعطى الكتاب حقه إيجابا أو سلبا، ولأصحاب هذا الصوت أسجل خالص تقديري وامتناني واحترامي، سواء من اتفق معي أو من اختلف.
ومن المفيد هنا إشراك القارئ معنا في بعض الملحوظات الهامة، أولها أنه إذا كان كتابنا هذا كتابا في فلسفة التاريخ وتاريخ الاجتماع الديني، فإن معتمده ومرجعه هو معطيات علم التاريخ عند أهل الاختصاص، وإليهم المرجع وعليهم المعتمد، لكن تلك المعطيات كما سيرى قارئنا، تعاني من خلل شديد يعتورها باستمرار، فلن تجد اتفاقا واضحا بين الأسماء والأعلام من مؤرخين وآثاريين، على تزمين أثر بعينه ولا على تفسيره، أو حتى ضبط قراءته فونيطيقيا، كما ستجد هذا التضارب واسعا، عندما يتعلق الأمر بتاريخ قيام دولة قديمة وانهيارها، وتزمينات هذا القيام والانهيار، وسني حكم الملوك والمواقع العسكرية. وإلى جوار تلك المصادر المصدر الثاني لبحثنا، هو العهد القديم من الكتاب المقدس، الذي يعاني بدوره كثيرا من المغالاة والأسطرة والتضارب بين المحررين في أحيان كثيرة، مما احتاج على المستويين إعادة ترتيب وجهد وصبر وجلد ومشقة، وهي في حد ذاتها كانت طموحا مستحيلا في بداية البحث، لكننا أصررنا عليه، وحملت فيها عن القارئ عبئا عظيما، لكنني أشركت القارئ معي في ذلك ليلمس بنفسه وعثاء الطريق، ويشاركني عملية التحري والمباحثية، ووضع التوقعات بناء على الشواهد والمعطيات، إزاء الحدث أو النص التاريخي، ليجمع معي القارئ الإشارات والدلائل والقرائن، من الأبسط إلى الأعقد ومن الأهون إلى الأشق، ليكشف معي بالتدريج خيوط الحل، التي تنكشف جميعا في الجزء الثالث والأخير من العمل، وتفصح الرموز عن محتواها الصريح، وكيف يمكن لكلمات الماضي، أن تتحاور معا، وأن تتحاور معنا اليوم، أو أن تفرز مقارنة اللفظة المصرية القديمة بلفظة عربية معجمية، عن سياق طويل عريض من الروابط والمعاني والنتائج، زمنا ومكانا وبيئة، لنعيش معها زمانها، فنرى الجغرافيا ومناهج التفكير وطرق المواصلات والهجرات، نعيشه كما كان زمن الحدث ... قدر الإمكان.
لذلك السبب سيبدو لقارئنا، أني أورد نصوصا كثيرة وكثيفة، ربما يظنها بعيدة عن الموضوع، وصعبة التذكر، لكنه مطالب معي بهذا الجهد القليل؛ لأن لكل كلمة دورها الذي تؤديه في هذا العمل، وعليه أن يتابع بدقة تلك النصوص، وقد عمدت إلى كتابة بعض الكلمات بالبنط الأسود، زيادة في التأكيد على دورها ودلالتها ودعمها للبحث، وللتنبيه ليتم تذكرها فهما لما هو آت بعدها.
ومع مثل هذه المساحة الجغرافية الشاسعة والتاريخية، وما لحقها من أحداث وهجرات وأشكال مجتمعية، كان من المستحيل اتخاذ منهج تاريخي خطي واحد، يبدأ من نقطة لينتهي إلى نقطة نهائية، ومن هنا اتخذ بحثنا شكل شبكة عنكبوتية، لها مركزها وطرقها ووصلاتها في حركة ذاهبة آيبة بين المركز والوسط والأطراف، عبورا على متشابكات في الطريق بينهما تتوازى وتتقاطع، وهو المنهج الذي فرضه موضوع البحث، وراعينا فيه تقديم الجرعات المعلوماتية على التدرج، فلا تسبق معلومة أخرى إلا بحسب مكانها في السياق، بحيث تتكامل الشبكة في النهاية، وهو منهج استنباط رياضي بالأساس يحدد المشكلة، ويضع لها فروض الحل، ثم يلجأ إلى العمل الافتراضي، إذا تطلب ذلك، ثم البرهان بالوثائق والبيانات؛ لذلك يحتاج بعض الصبر من القارئ، بعد أن عبدنا له الطريق، ولم نضع له معلومة قبل الأخرى، حتى لا يفاجأ بما لم يكن يعلم، وكان ذلك بالنسبة للمؤلف هو العسر ذاته، وقطعة من عذاب المشقة، في تباديل وتوافيق انتقل فيها موضوع قبل الآخر، ونقلت فيه معلومة من فصل إلى آخر؛ مما اضطر المؤلف إلى كتابة الفصل الواحد أكثر من مرة، وإعادة كتابة الكتاب كله أكثر من مرة.
ويجدر هنا التنويه بأن هناك مصادر أساسية، إضافة إلى المصادر التاريخية والآثارية والكتاب المقدس، اعتمدناها مصادر أساسية في كثير من فصوله، مثل كتاب «آلهة مصر العربية»، للعالم الليبي علي فهمي خشيم، رغم اختلافنا الجوهري مع أطروحته الشاملة لهذا الكتاب وغيره، بل اختلافنا التام معه، لكن جهده الذي استفدنا منه يستحق الإشارة هنا، والإشادة به كمصدر ثري لهذا العمل، هذا إضافة إلى أعمال إيمانويل فيلكوفسكي، وأعمال أحمد عثمان وسيجموند فرويد.
ولا يفوتني أن أشكر صديقي الدكتور محمد سميح عيد الذي عكف على مراجعة هذه الطبعة، وقام بتصويب كثير من حسابات التزمين الواردة بالطبعة الأولى، كذلك كان له ملحوظاته المفيدة، التي سجلتها له في الهامش في مكانها من هذا البحث.
سيد القمني
Halaman tidak diketahui