ومن سورة الكهف
** 433 مسألة :
( نحن نقص عليك نبأهم بالحق ، إنهم فتية آمنوا بربهم وزدناهم هدى وربطنا على قلوبهم ) (1).
والجواب عن ذلك : أنا قد بينا أن الهدى لا يقع على الإيمان حقيقة ، وإنما بوصف به من حيث يؤدى إلى الفوز والنجاة ، فلا ظاهر لما تعلقوا به فى الوجه الذى ذكروه ؛ ويبين ذلك أنه تعالى عطف الزيادة على الإيمان ، فيجب أن تكون غيره ؛ لأن من حق المعطوف أن يكون غير المعطوف عليه.
والمراد عندنا بذلك أنه زادهم لطفا وأدلة ، على جهة التأكيد ، لكى يكونوا إلى الثبات على الإيمان أقرب كما بينا ، فى قوله تعالى : ( فمن يرد الله أن يهديه يشرح صدره للإسلام ) (2).
ويحتمل أن يريد بذلك : الثواب والتعظيم ؛ لأنه تعالى يعظم من قد آمن ويثيبه ويحكم بذلك فيه.
وأما قوله : ( وربطنا على قلوبهم ) فلا ظاهر له فيما قالوه ، لأن فائدته الشد والعقد ، وذلك إنما يصح فى الأجسام إذا شدت بغيرها ، وذلك لا يتأتى فى الإيمان وسائر الأفعال ، فيجب أن يحمل الأمر فيه على أن المراد بذلك : الألطاف وضروب المعونة التى معها يثبت الإنسان على إيمانه.
أو يراد بذلك : أنه قوى قلوبهم حين أظهروا الإيمان ، ولذلك قال : ( إذ قاموا فقالوا : ربنا رب السماوات والأرض ) (3) فبين أن ذلك كالعلة فى قيامهم وإظهارهم هذا القول.
Halaman 471