علينا العبادة ، وذلك يوجب أن تكون العبادة مستحقة علينا بنفس الشيء الذى هو عبادة منا ، وهذا يتناقض!!
قيل له : إن المنعم يستحق الشكر والتعظيم. وقد يكون منعما بأن يفعل النعمة ، وقد يكون كذلك بأن لا يفعل بعض الأفعال ، وقد يكون كذلك بأن ينوب عنه غيره ، فبأى وجه فعل صار منعما يستحق الشكر (1)، ولذلك يستحق أحدنا الشكر إذا جاء (2) أجل الدين ولم يطالب الغريم ، ويستحق تعالى الشكر (3) لو غفر للكفار والفساق ، فالمعتبر فى كون المنعم منعما بأن يكون النعيم من قبله يحصل ، والتمكن من ذلك من قبله. أو زوال الضرر عنه ، أو التمكن من ذلك يحصل من قبله ، فمتى حصل « ذلك أو (4) بعضه بفعل وجب الشكر ، وإن حصل من غير فعل وجب الشكر ، ولو لا أن الأمر كذلك لما استحققنا الشكر على من نعمه ويأكل ؛ لأن الأكل والتنعم من فعله ، لكنا لما مكنا منه وأتحناه له كنا منعمين عليه ، وعلى هذا يكون الإنسان منعما على غيره إذا أعطاه المال وسائر ما ينتفع به.
فإذا ثبت ذلك وجب أن يكون تعالى منعما بالإيمان ، وإن كان من فعلنا لما وصلنا إليه بأمور من قبله وتمكينه فيه ودواعيه إليه ، فإذا صح ذلك وجب أن يستحق الشكر إذا كان منعما ، وإن لم يكن فاعلا لنفس النعمة ؛ إذا فعل ما هو السبب فيها. وليس كذلك حال الذم والمدح ، لأنه قد ثبت أن أحدا لا يستحق على فعل غيره هذين ، كما ثبت أن المستحق للذم على القبيح من فعله لا يجوز أن
Halaman 446