319 مسألة : قالوا : ثم ذكر تعالى بعده ما يدل على أنه يفعل المكر فقال : ( قل الله أسرع مكرا إن رسلنا يكتبون ما تمكرون ) (1).
والجواب عن ذلك : أنه تعالى أضاف إليهم المكر ، فقال : ( وإذا أذقنا الناس رحمة من بعد ضراء مستهم إذا لهم مكر في آياتنا ) (2). وأراد (3) بذلك أنهم قابلوا نعم الله تعالى بعد مس الضر لهم بالكفر والتكذيب ، فقال تعالى عنده : ( قل الله أسرع مكرا ) وأراد أنه أسرع عقابا ، وأن ما يريده من ذلك أسرع نفوذا فيهم ، وأجرى اسم المكر (4) على العقاب على المكر ، من حيث كان جزاء عليه ، ومن حيث يفعل بهم من حيث لا يشعرون. والسرعة فى المكر مجاز ، كما أنه توسع ؛ لأن المكر لا يكون إلا قبيحا كالسيئة ، وإذا أراد تعالى العقوبة علم أنه مجاز ، وعلم فى السرعة أن المراد به أنه مستغن فيما يريد أن ينزله بهم عن الاحتيال والإبطاء فى الفعل ، مع جواز ألا يقع منهم ما أرادوه والحال هذه.
وقوله تعالى : ( إن رسلنا يكتبون ما تمكرون ) يدل على أنه أراد بما تقدم العقوبة ؛ لأنه ذكر عقيبه ما يدل على أن [ جميع ] مكرهم ومعاصيهم مكتوب معروف لكى لا يجازوا عليه إلا بمثله ، ولو كان تعالى يمكر فى الحقيقة ويفعل الظلم والقبيح لم يكن لهذا القول معنى!
** 320 مسألة :
والبحر ، فقال : ( هو الذي يسيركم في البر والبحر حتى إذا كنتم في الفلك ).. [22].
Halaman 358