302

وذلك يقتضى أن المراد هم بنو آدم ، وهذا الاسم لا يقع على الأجزاء المركبة فى ظهر آدم ، ويقتضى أن المراد به ظهورهم ، يعنى : ظهور بنى آدم التى خرج منها ذريتهم ، وذلك بخلاف ما قالوه ، ولأنه لو كان كل ولد آدم فى ظهره لوجب أن يكون ظهره فى العظم بالحد الذى قد علمنا خلافه ، ولأنه تعالى قد بين أنه يخلق الإنسان من نطفة ، وأقل ما يخلق منه ما يقع هذا الاسم عليه ، وقد علمنا أن ظهر آدم لم يشتمل على القدر الذى يخلق منه سائر أولاده.

وبعد ، فإن الأجزاء إذا كانت غير حية لم يصح أخذ الميثاق عليها ولا إشهادها على أنفسها ، فكيف يصح التعلق بما ذكره؟

وبعد ، فإنه تعالى ذكر فى آخر الآية ما يدل على أن المراد بالآية الكفار ؛ لأن المؤمنين لا يجوز أن يقولوا : ( إنا كنا عن هذا غافلين ) لأن من غفل عن أنه تعالى ربه ومالكه لا يكون مؤمنا. وكل ذلك يمنع مما يذكرون من الجهالة.

والمراد بالآية : أنه تعالى أخذ فى الحقيقة الميثاق على طائفة من ذرية آدم الخارجين من ظهور بنى آدم المخلوقين من أصلابهم ، بأن أرسل إليهم الرسل وعرفهم ذلك من قبلهم بالحجج ، ثم بين أنهم خالفوا وتركوا التمسك بذلك ، وأنهم يوم القيامة يعتذرون بالغفلة!

ومتى حمل على هذا الوجه طابق الظاهر ووافق ما يقتضيه العقل من أن الغرض بأخذ العهد والميثاق أن يتذكره من يؤخذ ان عليه ، ليكون ذلك حجة عليه إذا عذب وأخذ بذنبه ، وذلك لا يصح إلا فى العاقل المميز المتذكر للخطاب.

Halaman 303