252

ومما يقال فى ذلك : إنه تعالى قال : ( خالق كل شيء فاعبدوه ) فعلق العبادة ولزومها (1) لنا بكونه خالقا لكل شيء ، فيجب أن يتناول ما للزوم العبادة به تعلق ، وذلك ليس إلا ما خلقه من النعم فى الأجسام وما اختصت به من الملاذ. فأما أفعال العباد فإن لم تكن لم يؤثر ذلك فى لزوم العبادة على حقها.

ومما يقال فى ذلك : إنه تعالى أورد هذه الآية مورد المدح فيما أثبت فيه وفيما نفى ، فلا يجوز أن يحمل الكلام على ما يقتضى الذم ؛ لأنه ينقض المقصد بهذه الآيات ، فيجب أن يكون المراد بقوله : وخلق كل شيء ، من النعم الواسعة عليكم. يبين ذلك أنه لو صرح بذكر ما قالوه لكان لا يليق بالمدح ، ولو قال تعالى : وخلق كل شيء من الحق ، والباطل ، والجور ، والعدل ، والظلم ، والسفه ، والفساد ، فاعبدوه ، لكان قد أورد ما لو أراد أن ينفر (2) عن عبادته لم يصح أن يزاد عليه!

ومما يقال فى ذلك : إن لفظ الشيء قد يقع على الموجود والمعدوم جميعا (3) ، ولذلك يقول القائل : علمت ما كنت فعلته ، كما تقول : أعلم الأجسام ، ولذلك (4)، قال تعالى : ( إنما قولنا لشيء إذا أردناه أن نقول له ) (5) فإذا صح

Halaman 253