فبين أنه يوفق (1) بينهما إذا أراده الحكمان.
والجواب عن ذلك : أن ظاهر قوله تعالى : ( يوفق الله بينهما ) لا يدل (2) على أنه الفاعل لما يؤثر أنه من الصلاح ، لأن قول القائل : وفق فلان بين فلان وفلان ، إنما يدل على أنه فعل التوفيق ولا يدل على غيره ، كما إذا قيل ضرب بينهما ، دل على أنه فعل التضريب دون فعلهما ، فلا يصح تعلقهم بالظاهر.
واعلم أن « التوفيق ) هو اللطف إذا اتفق عنده من العبد الطاعة والإيمان (3) ويقال لفاعله عند ذلك ، إنه قد وفقه ، وإن كان من قبل لا يوصف بذلك ، كما يوصف فعل زيد بأنه موافقة إذا تقدم فعل عمرو ، ولولاه لم يوصف بذلك ، فمتى وصفناه تعالى بأنه وفق العبد فالمراد أنه فعل لما يدعوه إلى اختيار الطاعة ، وأنه اختاره ، فوافق وقوعه ما فعله تعالى ، واتفقا فى الوجود ، فصار تعالى موفقا وصار هو موفقا.
فإذا صح ذلك فيجب أن يكون المراد بقوله : ( يوفق الله بينهما ) أنه تعالى عند إرادتهما الإصلاح ، يفعل من الألطاف ما يدعو إلى قبولهما ، فمتى قبلا كان موفقا بينهما ، فكيف يصح تعلق القوم بهذا الظاهر؟
ثم يقال للقوم : إن الآية بكمالها تؤذن ببطلان قولكم ، لأنه تعالى إن كان
وقد عرف القاضى (التوفيق ) بقوله : (وأما التوفيق فهو اللطف الذى يوافق الملطوف فيه فى الوقوع ، ومنه سمى توفيقا. وهذا الاسم قد يقع على من ظاهره السداد ، وليس يجب أن يكون مأمون الغيب حتى يجرى عليه ذلك ). شرح الأصول الخمسة : 779 780.
Halaman 184