78

Pengemis Wanita

المتسولة

Genre-genre

من تلك اللحظة فصاعدا صارت روز تنظر إلى كليفورد وإلى نفسها باعتبارهما نوعا واحدا من الناس، وإلى جوسلين وباتريك كنوع آخر مختلف، رغم ما بدا من اختلافهما بشدة، ورغم نفور كليهما من الآخر. فقد كانا شخصين متكاملين لا يحيط بهما أي غموض، وكانا يأخذان الحياة بجدية مطلقة. وبالمقارنة بهما، كان كليفورد وروز مثالين على نوعية الأشخاص المراوغة شديدة الدهاء.

لو أن جوسلين وقعت في غرام رجل متزوج، ماذا كانت ستفعل؟ ربما كانت ستطلب عقد مؤتمر حتى قبل أن تلمس يديه، وكانت ستدعو إليه كليفورد، والرجل ذاته، وزوجة الرجل، وربما طبيب جوسلين النفساني (على الرغم من رفضها لعائلتها، كانت جوسلين تعتقد أن الذهاب إلى طبيب نفساني أمر ينبغي على الجميع أداؤه أثناء مراحل التطور أو التأقلم في الحياة، وكانت جوسلين نفسها تذهب إلى أحدهم مرة واحدة أسبوعيا). كانت جوسلين ستفكر في العواقب، وكانت ستواجه الأمور بشكل مباشر؛ فهي لا تحاول أبدا أن تختلس متعتها؛ إذ لم تتعلم اختلاس الأشياء قط. وكان ذلك ما يجعل وقوعها في حب رجل آخر أمرا مستبعدا؛ فلم تكن بالشخص الشره، ولم يكن باتريك شرها كذلك، على الأقل فيما يتعلق بالحب.

إذا كانت مشاعر الحب تجاه باتريك جاءت لإدراكها شيئا جيدا وبريئا بداخله؛ فإن مشاعر الحب تجاه كليفورد كانت شيئا مختلفا تماما. لم تكن روز مضطرة للاعتقاد بأن كليفورد شخص جيد، وكانت تعلم بالتأكيد أنه لم يكن بريئا أو ساذجا. ولم يكن مهما بالنسبة لها أي مصارحة بشأن ازدواجيته أو قسوته تجاه آخرين سواها. إذن ماذا أحبت فيه؟ وماذا كانت تريد منه؟ لقد أرادت الخداع، أرادت سرا متوهجا، أرادت احتفاءات يملؤها الحب والحنان بالرغبة، أرادت تأججا دائما للفجور. كل ذلك بعد خمس دقائق تحت المطر قضتها معه. •••

بعد نحو ستة أشهر من ذلك الحفل ظلت روز مستيقظة طوال الليل. كان باتريك نائما بجوارها في منزلهما المبني من الحجر وخشب الأرز في ضاحية تسمى كابيلانو هايتس بجانب جبل جراوس. وفي الليلة التالية كان مقررا أن يكون كليفورد هو من سينام بجوارها، في باول ريفر حيث كان يعزف مع الأوركسترا الجوال. لم يكن بإمكانها أن تصدق أن هذا سيحدث بالفعل. لقد وضعت كل ثقتها في الحدث، ولكنها لم تستطع أن تضعه وسط ترتيب الأشياء الذي كانت تعرفه.

لم يقدم روز وكليفورد على مدار كل هذه الأشهر على ممارسة الحب معا، ولم يمارسا الحب في أي مكان آخر أيضا. كان الموقف هكذا: لم يكن جوسلين وكليفورد يملكان سيارة، بينما كان لدى باتريك وروز واحدة، ولكن روز لم تكن تقودها. كان عمل كليفورد يتيح له ميزة العمل لساعات غير منتظمة، ولكن كيف كان له أن يرى روز؟ هل يستطيع استقلال الحافلة عبر جسر لايونز جيت، ثم يسير في وضح النهار عبر شارع الضاحية الذي تقطن فيه مارا بنوافذ الجيران؟ هل يمكن أن تستعين روز بجليسة أطفال وتدعي أنها ذاهبة لزيارة طبيب الأسنان، وتستقل الحافلة إلى البلدة، وتقابل كليفورد في أحد المطاعم، وتذهب معه لغرفة في أحد الفنادق؟ ولكنهما لم يكونا يعرفان لأي فندق يذهبان، ويخشيان إذا ذهبا بدون أمتعة أن يتضح أمرهما في الطريق، أو يتم الإبلاغ عنهما لدى شرطة مكافحة الرذيلة ويحتجزان في مركز الشرطة بينما يتم استدعاء جوسلين وباتريك للحضور لاستلامهما، إلى جانب أنه لم يكن بحوزتهما مال كاف.

غير أن روز قد ذهبت إلى فانكوفر، مستخدمة عذر طبيب الأسنان، وجلسا في أحد المقاهي جنبا إلى جنب في سقيفة خلفية وأخذا يتبادلان القبلات والمداعبات جهارا في مكان يتردد عليه طلاب وزملاء كليفورد من الموسيقيين، يا لها من مجازفة! وبينما كانت روز تستقل الحافلة في طريقها إلى المنزل راحت تنظر عبر ثوبها إلى قطرات العرق المتقطرة بين ثدييها وكادت يغشى عليها من تألقها وبهائها، وكذلك من فكرة المجازفة التي أخذاها. في إحدى المرات الأخرى، بعد ظهيرة يوم شديد الحرارة في شهر أغسطس، انتظرت في أحد الأزقة خلف المسرح الذي كان كليفورد يؤدي فيه البروفة، واختبأت وسط الظلال ثم تشبثت به في هيام لم يشبعها. رأيا بابا مفتوحا فتسللا إلى الداخل. كانت هناك صناديق متراصة في كل مكان حولهما، وكانا يبحثان عن مكان يأويان إليه عندما تحدث إليهما أحد الرجال. «هل يمكنني القيام بأي شيء من أجلكما؟»

كانا قد دخلا المخزن الخلفي لمحل لبيع الأحذية. كان صوت الرجل باردا مرعبا. وأخذت الأفكار المخيفة تتوالى: شرطة الآداب! مركز الشرطة! وكان رداء روز قد انفك حتى الخصر.

ذات مرة كان اللقاء في أحد المتنزهات حيث كانت غالبا ما تصطحب آنا وتدفعها على الأراجيح. جلسا على أحد المقاعد وقد تشابكت يداهما أسفل تنورة روز القطنية الفضفاضة. كانت أصابعهما متشابكة معا وراحا يعتصرانها بقوة مؤلمة، إلى أن فاجأتهما آنا حين ظهرت من خلف المقعد وصاحت قائلة: «بوو! لقد أمسكت بكما!» فامتقع وجه كليفورد متحولا إلى شحوب كارثي. وفي الطريق إلى المنزل قالت روز لآنا: «كان هذا مضحكا حين قفزت من خلف المقعد. كنت أظن أنك لا تزالين على الأرجوحة.»

قالت آنا: «أعرف ذلك.» «ماذا قصدت بأنك أمسكت بنا؟»

فقالت آنا: «لقد أمسكت بكما بالفعل.» وضحكت بصوت عال بطريقة بدت لروز متطاولة وذكية بشكل مثير للانزعاج.

Halaman tidak diketahui