73

Pengemis Wanita

المتسولة

Genre-genre

بعد اختلاف الآراء بشأن الفنانين، وبشأن الرجال والنساء في مجال الفن، ألقت روز نظرة متأنية على كليفورد حين كان يأتي للزيارة في المساء. رأته إنسانا شاحب اللون، يطلق العنان لأهوائه وله مظهر عصابي يوحي بالاضطراب. ومع مزيد من الاكتشافات بشأن ما تبذله جوسلين من براعة، وجهد، وطاقة بدنية بحتة (إذ كانت هي من يتولى إصلاح الصنابير الراشحة، وتسليك البالوعات المسدودة) في هذه الزيجة، أيقنت أن جوسلين تضيع نفسها، وأنها ترتكب خطأ. وراودها شعور بأن جوسلين لم تكن ترى جدوى في زواج روز من باتريك أيضا. •••

في البداية سار الحفل بيسر أكثر مما توقعته روز؛ فقد كانت تخشى أن يكون تأنقها مبالغا فيه؛ كانت تود لو ارتدت بنطال مصارع الثيران الخاص بها، ولكن باتريك لم يكن ليقبل ذلك مطلقا. ولكن القليل فقط من الفتيات هن من كن يرتدين البناطيل الفضفاضة، أما البقية فكن يرتدين الجوارب الشفافة، ويضعن أقراطا وثيابا مثلها تماما. وكما في أي تجمع للنساء الشابات في ذلك الوقت، كانت هناك ثلاث أو أربع نساء ممن كان يبدو عليهن الحمل بشكل واضح، وكان معظم الرجال يرتدون بذلات، وقمصان، ورابطات عنق مثل باتريك؛ ما أشعر روز بالارتياح؛ إذ إنها أرادت أن يكون باتريك مندمجا في الحفل، وأرادته أيضا أن يتقبل الحاضرين هناك، وأن يقتنع بأنهم جميعا ليسوا مخلوقات غريبة الأطوار. حين كان باتريك طالبا، كان يصطحبها لحضور الحفلات الموسيقية والمسرحيات ولم يكن يبدو متشككا بشكل مفرط فيمن كانوا يشاركون فيها، بل كان في الحقيقة يفضل هذه الأشياء؛ لأنها كانت مكروهة من قبل عائلته، وفي ذلك الوقت - الوقت الذي اختار فيه روز - كان يمر بمرحلة تمرد قصيرة ضد عائلته. ذات مرة اصطحب باتريك روز إلى تورونتو وجلسا في قاعة المعبد الصيني بالمتحف يشاهدان رسوم الفريسكو على الجدران، وروى لها باتريك كيف أنها جلبت على هيئة قطع صغيرة من إقليم شانشي، كان يبدو في غاية الفخر بما يملك من معرفة، وفي ذات الوقت متواضعا بشكل مميز يذيب القلوب؛ إذ اعترف بأنه قد اكتسب كل هذه المعلومات في إحدى الرحلات. أما الآراء القاسية التي كونها، والاتهامات التي كان يكيلها بالجملة للآخرين، فلم تبدأ إلا منذ أن خرج للعمل؛ فصار الفن الحديث خداعا، والمسرح التجريبي بذيئا. وكان لدى باتريك طريقة خاصة متصنعة وازدرائية لنطق تعبير «الفن الطليعي»، جاعلا الكلمات تبدو مصطنعة بشكل مثير للاشمئزاز. وقد كانت كذلك بالنسبة لروز؛ فبشكل ما كانت تستطيع أن تدرك ما يعنيه؛ فكان بإمكانها أن ترى جوانب عديدة للأمور، فيما لم يكن باتريك يعاني تلك المشكلة.

وفيما عدا بعض المشاجرات الكبيرة التي كانت تنشب بشكل دوري، كانت في منتهى الوداعة والانصياع مع باتريك؛ إذ كانت تحاول أن تظل محبوبة لديه. ولم يكن ذلك بالأمر السهل؛ فحتى قبل أن يتزوجا كان معتادا أن يعطيها محاضرات من التوبيخ في رد على سؤال بسيط أو ملاحظة تافهة. في تلك الأيام كانت أحيانا ما توجه له سؤالا ما على أمل أن يباهي ببعض من معرفته الفائقة التي قد تثير إعجابها، ولكنها عادة ما كانت تشعر بالندم على السؤال؛ إذ كانت الإجابة تأتي مسهبة للغاية يشوبها نبرة تعنيف وتوبيخ، إلى جانب أن المعلومات لم تكن فذة لهذه الدرجة. كانت تريد أن تبدي إعجابها به واحترامها له، فيما كان يبدو أشبه بمغامرة على وشك خوضها.

بعد ذلك فكرت أنها تحترم باتريك بالفعل، ولكن ليس بالطريقة التي كان يريدها هو، وأنها تحبه بالفعل ولكن ليس بالطريقة التي أرادها أن تحبه بها. ولم تكن تعرف ماهية هذه الطريقة، وهي التي كانت تعتقد أنها تعرف شيئا عنه، وتعتقد أنها تعرف أنه لم يكن يرغب حقا في أن يكون على الشاكلة التي يقحم نفسه إليها بحماس. ربما كان يمكن تسمية تلك الغطرسة احتراما، وهذا الاستعلاء حبا. ولم يكن من شأن ذلك أن يحقق له السعادة.

كان بعض الرجال يرتدون الجينز والكنزات ذات الياقة الضيقة أو القمصان القطنية الواسعة، وكان كليفورد واحدا من هؤلاء، وكان كل ما يرتديه أسود اللون. كانت تلك هي فترة انتشار ثقافة البيت في سان فرانسيسكو. كانت جوسلين تتصل بروز عبر الهاتف وتقرأ عليها قصيدة «عواء». كانت بشرة كليفورد تبدو في غاية الاسمرار مع ثيابه السوداء، وكان شعره طويلا مقارنة بما كان سائدا في تلك الفترة، ولونه فاتحا مثل قطعة قطن لم تبيض، فيما كان لون عينيه فاتحا للغاية، حيث كان لونهما أزرق لامعا مائلا للرمادي. وبدا لروز وكأنه ضئيل الحجم وهادئ كالقطط، وبه بعض ملامح الأنوثة، وهو ما جعلها تتمنى ألا يصيب باتريك بإحباط شديد.

كان هناك جعة وكوكتيل نبيذ للشراب، وكانت جوسلين - الطاهية الرائعة - تقلب قدرا من الجمبالايا. توجهت روز إلى المرحاض لكي تفصل نفسها عن باتريك الذي بدا راغبا في أن يكون ملازما لها كظلها (كانت تعتقد أنه يتقمص دور كلب الحراسة، ونسيت أن ذلك قد يكون خجلا منه). وحين خرجت بدأ في التحرك. احتست روز ثلاث كئوس من النبيذ في تتابع سريع، وتم تقديمها للسيدة التي قامت بتأليف المسرحية التي أذيعت في الراديو. وفوجئت روز حين رأت أن هذه السيدة كانت واحدة من أكثر الأشخاص المتواجدين في الغرفة كآبة وأقل من يبدو عليهم ملامح الثقة.

أخبرتها روز قائلة: «لقد أعجبتني مسرحيتك.» ولكنها في الواقع كانت تجدها غامضة، فيما كان باتريك يراها مقززة ومثيرة للاشمئزاز؛ فقد كانت في ظاهرها تدور حول امرأة التهمت أطفالها. كانت روز تعلم أن ذلك ضرب من الرمزية، ولكنها لم تستطع أن تعرف إلام ترمز.

قالت السيدة: «آه، لكن الإنتاج كان في غاية البشاعة!» وفي غمرة حرجها، وحماسها ولهفتها للحديث عن مسرحيتها، أصاب روز منها بعض رذاذ النبيذ. «لقد جعلوها حرفية للغاية. لقد خشيت أن تبدو مخيفة ووحشية وقد كنت أقصد أن تكون ذات معنى مرهف، لقد قصدت أن أجعلها مختلفة تماما عن الشكل الذي أخرجوها به.» وشرعت تخبر روز بكل خطأ ارتكب في الإنتاج، من التوزيع الخاطئ للأدوار، واقتطاع أهم السطور، بل وأكثرها أهمية على الإطلاق. شعرت روز بكبرياء وفخر بينما كانت تستمع إلى هذه التفاصيل، وكانت تحاول أن تزيل آثار رذاذ الخمر دون أن يلحظ أحد.

قالت السيدة: «ولكنك تستوعبين ما قصدته؟» «آه نعم!»

صب كليفورد كأسا أخرى من النبيذ وابتسم لها. «تبدين لذيذة.»

Halaman tidak diketahui