قال: لقد لقيته!
وقد أخرجه من تحت المياه، وهو كيس من جلد محكم الإقفال، فأخذه الرقيب ففتحه؛ فوجد فيه الأوراق المالية بتمامها، وفيه أيضا أوراق تختص بأشغال فيلون.
ولما وثق من ذلك أقفله وأرجعه إلى مكانه.
فدهش كلوكلو وقال: ماذا فعلت؟ - قال: اتبعني أخبرك.
وخرج الاثنان من البحيرة فقال الرقيب: إن البرهان الذي نحتاج إليه لإثبات الجريمة هو هذا الكيس، فإذا أخذناه ذهب البرهان، أما إذا تركناه في موضعه فلا بد لداغير أن يأتي يوما ليأخذه؛ فنقبض عليه متلبسا بالجريمة، ولا بد أن يحضر فإنه لم يقتل إلا للحصول على هذا المال، ولا عبرة في أنه رآك هنا فإنه لو خامره شيء من الريب فيك لهرب من فوره، ولكنه حمل وجودك على محمل الصدفة، فذهب مطمئنا على مهل؛ ولذلك لا بد له أن يعود فهو قد يعود الليلة أو غدا أو بعد أسبوعين. - ونحن ماذا نصنع في انتظار ذلك؟
قال: نراقب هذا المكان في الليل والنهار، ولا أنكر صعوبة العمل فإن هذه البحيرة محاطة بالأدغال، وهو سيطوف بها دون شك باحثا مفتشا حتى يثق من خلو المكان، وهو قد يحضر في الليل، ولكني أرجح حضوره في النهار؛ حذرا من الرقباء الذين تسهل عليهم مراقبته في الظلام. - ولكن كيف نكمن له وأين؟ - إني سأبقى وحدي هنا نحو ساعة. - وأنا؟ - تذهب في البدء إلى الدكتور جيرار. - وأخبره بكل ما حدث؟ - هو ذاك. - وبعد ذلك؟ - تذهب إلى الفندق الذي كنا فيه، وتطلب إلى صاحبه باسمي الحقيقي لا المستعار أن يعطيك معولا وطعاما لأربعة أو خمسة أيام وغطائين من الصوف؛ فإن البرد يشتد في الليل، فننام كل بدوره؛ بحيث يكون واحد منا ساهرا للمراقبة.
فانصرف كلوكلو، وبعد ساعة كان عند الدكتور فأخبره بالأمر، وذهب إلى الفندق لإتمام المهمة، ثم ذهب الدكتور إلى قاضي التحقيق وقال له: أتيت أرجوك وفاء أمر، وعسى ألا أخيب. - بمن يتعلق هذا الأمر؟ - بالموسيو بوفور. - لقد خرج أمره من يدي فلم أعد أستطيع شيئا. - كيف ذلك؟ - ذلك أني أحلت أوراق الاتهام إلى المحكمة، وقد علمت الآن أنها عينت يوم المحاكمة في 5 سبتمبر.
فسقط جيرار على كرسيه واهي القوى وهو يقول: يا للشقاء ألا توجد طريقة للتأجيل؟ - ألعلك تريد أن تبلغ النيابة شيئا جديدا؟ - أما اليوم فلا. - إذن؟ - ألا يمكن أن يظهر القاتل الحقيقي بعد بضعة أيام؟ - لا يزال أمامك ثمانية أيام؛ فإن موعد الجلسة 5 سبتمبر كما قلت لك، فإذا حدث أمر جديد تبلغني إياه، فأجري تحقيقا إضافيا، ثم لا تنس أنك مستدعى إلى المحكمة فتقول ما تشاء. - لا أستطيع أن أقول غير ما يمليه علي ضميري، إذ لا أستطيع أن أغير حرفا من تقريري الطبي، ولكني أقول إني واثق من براءة بوفور. - أما المحكمة فتقول لك هات برهانك. - وبوفور أين هو الآن؟ - نقل إلى سجن بوفيه. - مسكين! ألا تعلم أن الحكم عليه يعد أعظم جناية؟ - وهذه الجناية يكون لك اليد الطولى فيها؛ لأنك تعرف أمورا كثيرة تكتمها. - لا أستطيع أن أفعل شيئا، ألا يمكن التأجيل؟ - يمكن. - كيف السبيل إلى نيله؟ فإن براءة بوفور قد تظهر بعد بضعة أيام. - يجب أن تقدم عريضة إلى المحكمة تطلب فيها التأجيل. - أتجيب بالإيجاب؟ - بشرط أن تذكر سببا وجيها يدعو إلى هذا التأجيل. - ولكن، هذا محال. - والتأجيل أيضا محال.
فخرج جيرار قانطا والدموع تكاد أن تسيل من عينيه لإشفاقه على بوفور.
أما كلوكلو فإنه بعد أن ترك الدكتور جيرار ذهب إلى صاحب الفندق، فأخذ المعول والمئونة وعاد إلى صاحبه فقال له: ماذا تريد أن تصنع بالمعول؟
Halaman tidak diketahui