134

Mustatraf

المستطرف في كل فن مستظرف

Penerbit

عالم الكتب

Nombor Edisi

الأولى

Tahun Penerbitan

١٤١٩ هـ

Lokasi Penerbit

بيروت

Genre-genre

Sastera
Retorik
الباب السادس والعشرون في الحياء والتواضع ولين الجانب وخفض الجناح وفيه فصلان الفصل الأول في الحياء قالت عائشة رضي الله تعالى عنها: مكارم الأخلاق عشرة: صدق الحديث، وصدق اللسان، وأداء الأمانة، وصلة الرحم، والمكافأة بالصنيع، وبذل المعروف، وحفظ الذمام للجار، وحفظ الذمام للصاحب وقرى الضيف ورأسهن الحياء. قال رسول الله ﷺ: الحياء شعبة من الإيمان. وقال رسول الله ﷺ: «إن مما أدرك الناس من كلام النبوة الأولى: إذا لم تستح فاصنع ما شئت» . وقال علي بن أبي طالب كرم الله وجهه: من كسا بالحياء ثوبه لم ير الناس عيبه. وعن زيد بن علي عن آبائه يرفعونه: من لم يستح فهو كافر. قال أبو موسى الأشعري ﵁: إني لأدخل البيت المظلم أغتسل فيه من الجنابة فأحني فيه صلبي حياء من ربي، وقال بعضهم: الوجه المصون بالحياء كالجوهر المكنون في الوعاء. وقال الخواص: إن العباد عملوا على أربع منازل، على الخوف والرجاء والتعظيم والحياء، فأرفعها منزلة الحياء لما أيقنوا أن الله يراهم على كل حال قالوا: سواء علينا رأيناه أو رآنا، وكان الحاجز لهم عن معاصيه الحياء منه. ويقال: القناعة دليل الأمانة، والأمانة دليل الشكر، والشكر دليل الزيادة، والزيادة دليل بقاء النعمة، والحياء دليل الخير كله. الفصل الثاني في التواضع ولين الجانب وخفض الجناح قال الله تعالى: وَاخْفِضْ جَناحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ «١» . وقال تعالى: تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُها لِلَّذِينَ لا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلا فَسادًا وَالْعاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ ٨٣ «٢» . وقال رسول الله ﷺ: «أفضل العبادة التواضع» . وقال ﷺ: «لا ترفعوني فوق قدري، فتقولوا فيّ ما قالت النصارى في المسيح، فإن الله ﷿ اتخذني عبدا قبل أن يتخذني رسولا»، وأتاه ﷺ رجل فكلمه فأخذته رعدة، فقال ﷺ له: «هوّن عليك، فإني لست بملك إنما أنا ابن امرأة من قريش تأكل القديد» «٣»، وكان ﷺ يرقع ثوبه، ويخصف نعله «٤»، ويخدم في مهنة أهله ولم يكن متكبرا ولا متجبرا، أشد الناس حياء وأكثرهم تواضعا، وكان إذا حدث بشيء مما أتاه الله تعالى قال: ولا فخر. وقال ﷺ: «إن العفو لا يزيد العبد إلا عزا فاعفوا يعزكم الله، وإن التواضع لا يزيد العبد إلا رفعة، فتواضعوا يرفعكم الله، وإن الصدقة لا تزيد المال إلا نماء فتصدقوا يزدكم الله» . وقال عدي بن أرطأة لإياس بن معاوية: إنك لسريع المشية، قال: ذلك أبعد من الكبر وأسرع في الحاجة. وخرج معاوية على ابن الزبير وابن عامر، فقام ابن عامر وجلس ابن الزبير، فقال معاوية لابن عامر: اجلس، فإني سمعت رسول الله ﷺ يقول: «من أحب أن يتمثل له الناس قياما فليتبوأ مقعده من النار» . وقيل: التواضع سلم الشرف. ولبس مطرف بن عبد الله الصوف وجلس مع المساكين، فقيل له في ذلك، فقال: إن أبي كان جبارا، فأحببت أن أتواضع لربي لعله أن يخفف عن أبي تجبره. وقال مجاهد: إن الله تعالى لما أغرق قوم نوح شمخت الجبال وتواضع الجودي فرفعه فوق الجبال، وجعل قرار السفينة عليه. وقال الله تعالى لموسى ﵇: هل تعرف لم كلمتك من بين الناس؟ قال: لا يا رب. قال: لأني رأيتك تتمرغ بين يدي في التراب تواضعا لي. وقيل: من رفع نفسه فوق قدره استجلب مقت الناس «٥» . وقال أبو مسلم صاحب الذخيرة: ما تاه إلا وضيع ولا فاخر إلا لقيط، وكل من تواضع لله رفعه الله. فسبحان من

1 / 139