ومع السير على الأقدام، وصلنا إلى ركن من أركان الحي يكثر فيه المارة، ولأن أكثرهم في حالة سكر وأقدامهم تترنح، فكان يجب علينا أن نسير ونحن في قلق لا ينقطع من الاصطدام بهم. ينقسم المارة في الطريق إلى عدة أنواع. الرجال أقوياء البنية الذين تعرف من نظرة واحدة أنهم من عمال الأشغال البدنية، ورجال ضعفاء يعطونك إحساسا بأنهم في حيرة وتردد شديدين، ثم بعد ذلك، رجال لاهون بملابس أنيقة لافتة. ووسط تلك الحشود القذرة، كان وجه ريكو الجانبي يلفت الأنظار وهي تمر أمامهم حتى ولو كانت كارهة لذلك؛ كأنها شراع أبيض يخترق الطريق.
عندما نظرت إلى السلوك الحر لهؤلاء البشر، وحديثهم المتغطرس وهم وقوف (من المؤكد أنني سمعت كلمة: «لأنني قتلت شخصا ...» تخرق أذني)، ثم أيضا إلى ملابسهم المتحررة من كل قيد، مثل الشاش الأخضر الملفوف حول الخصور، والقمصان التي قطعت أنصافها ... إلخ. بدأت أعتقد أن العمل المتحضر الذي أؤديه، والذي يتعلق بأطراف الخلايا العصبية، عمل في منتهى البشاعة. سمعت في الماضي قصة محام من كبار المحامين سحب منه ترخيص العمل بالمحاماة لتبديده أموالا عامة، فقضى ما تبقى من حياته مشردا في هذه المنطقة، ولكنني وصلت لدرجة تخيل أنه ربما يكون ارتكب جريمته تلك فقط من أجل أن يصبح من سكان هذا الحي. ومع أن أغلب المرضى الذين يأتون إلى عيادتي هم من البشر الذين ليس لهم أية علاقة بمثل هذا المجتمع الحيواني، لكن عندما ظهرت ريكو وقادتني حالتها تلقائيا إلى هذا المكان، شعرت أنها عبارة عن ملاك أرسلته إلي السماء لكي ينبهني إلى تلك الثغرة في حياتي. - «إن أغلب سكان هذه المنطقة إما مستلقون في فراشهم أو يشربون على عربات الأكل في الطرقات. وغالبا لا يشاهدون التلفزيون. ولهذا يمكن أن أقابل على قارعة الطريق وجوه الكثير من معارفي.»
قال الدليل ذلك وهو يرفع يده بالتحية لرجل في منتصف العمر مر أمامنا.
لم نشعر بأي خطورة تقترب منا، ولم يبد الناس تجاهنا مبالاة كبيرة. وعلى جانبي الطريق عربات أكل تقدم وجبات مثل «السوشي والأودون»، ويجلس الناس على «دكة» ضيقة أمام العربة يشربون الخمر.
وعلى «دكة» عربة تقدم وجبات «الأودون» جلس رجل يشرب «الساكي» في كوب وهو يضع رضيعا خلف ظهره بطيش وإهمال، مما لفت انتباهنا تلقائيا. الرضيع الذي لم يبلغ خمسة أشهر كان نائما فاغرا فاه وهو يخرج جسده بالميل من حبل الربط على الظهر. يلبس قميصا قذرا وبنطالا بلون كاكي يبدو أنه من مخلفات الجيش الأمريكي. كان الفقر يبدو على قفاه ولا يبدو أنه يمكن أن يتحمل الأشغال البدنية.
همس الدليل في أذني بالشرح قائلا: «إن هذا الشخص نموذج تقليدي لمن يبيع زوجته للرجال، ومقابل ذلك يقوم برعاية الأطفال، ويقضي طوال اليوم متسكعا بلا هدف. وزوجته المسكينة تقضي طوال اليوم واقفة على قارعة الطريق في حي من الأحياء، وإن كان دخلها سيئا لا يسمح لها بحضن طفلها الذي تشتاق إليه.»
وعندما عوج الرجل رأسه لكي يعدل من وضع الحبل الذي يربط به الطفل على ظهره، لاحظت تصلب جسد ريكو مع رؤية ذلك الوجه الأزرق الشاحب.
وعندما قلت لها بصوت خفيض: «مستحيل ...»
قالت ريكو بصوت رزين: - «كلا. إنه هو بالتأكيد .»
أحجمنا عن التحدث معه على الفور، وقررنا أن نراقبه لبعض الوقت. اقترب ريوئتشي وأكيمي إلى جانبنا أنا وريكو بملامح وجه متوترة.
Halaman tidak diketahui