قلت له وأنا مذهول: «نقد ساخر جدا.» - «أجل؛ لذا فأنا ليس لدي رغبة، ولو ضئيلة، يا دكتور في أن تشفيني؛ مع أنني سأدفع أجرة العلاج بسرور.» - «ولماذا تدفع؟» - «من أجل أن تسمع حديثي أنا.» - «أي حديث؟» - «حديث ريكو يوميكاوا التي تعرفها.»
تعمدت ملاحقته بالسؤال متظاهرا بالجهل: - «أنا أسألك عن حديثك أنت. ما النقاط الهامة لمشكلتك؟»
ظل هاناي جالسا مفرود الظهر على الكرسي إياه الذي يمكن أن يصبح أريكة للنوم، يتأمل الحائط لبعض الوقت، ثم تلفظ بصوت جعلني أشعر بأن شفتيه في غاية الجفاف، فقال ما يلي تدريجيا بنبرة قلقة: «كما توقعت، أنت حقا إنسان مشاكس.» - «كلا، لا أقصد المشاكسة.» - «أنت تريد أن تجعلني أقول ذلك بلساني، أليس كذلك؟ لا مانع إذن؛ لأنني أعلم أن ريكو أبلغتك يا دكتور بكل ما يخص عاري ... إنني ... عنين.»
قال هاناي ذلك بصوت كأن حنجرته قد سدت بشيء ما.
25
كانت الحكاية التي حكاها لي هاناي في غرفة التحليل النفسي باختصار، برهانا على صدق ما حكته لي ريكو في رسالتها.
سأحذف التفاصيل التي تتسم بالثرثرة، وأقدم تعريفا بالنقاط الهامة فقط. ... منذ البداية انتبه هاناي إلى أنه لا يمكن وصف موقف ريكو التي تلح في التقرب منه على أنه فضول يدل على الحب والإعجاب بل شيء يكمن داخله ظلام أسود. ولكن وقت انهياره في تلك الليلة التي سكر فيها سكرا بينا، واعترافه بذلك الاعتراف المؤلم وهو يبكي، كان منهمكا بشدة في مشكلته الخاصة به، فلم يكتشف الأصل الذي ينبع منه إلحاح ريكو.
أحس هاناي بيد ريكو تداعب برفق شعره بعد أن انهار باكيا فوق السرير.
ثم أحس بأن اللحظة التي يقرر فيها بنفسه الموت تقترب أمام عينيه. وعندما فكرت جيدا وجدت أن ذلك الحديث متناقض. فيفترض أنه بدأ يفكر في الانتحار لدفن سره المخزي دون أن يعرفه أحد، إلا أنه بعد بوحه بسره أخيرا إلى امرأة لا علاقة لها به ولا معرفة، شعر على العكس أنه يستطيع أن يموت مطمئنا. وكان تلفظ هاناي بكلمة «عنين» تلك بلسانه بمثابة ثورة بالنسبة له. فهي أقل خزيا من المعرفة الفسيولوجية بجسده وحتى وإن كانت نفس المعرفة. والسبب أن الكلمة لا تبرهن على شيء. وإن مات الآن سيتبقى لموته الغموض السحري ذاته، بل وعلى الأقل عرفت امرأة واحدة فقط معاناته الفكرية.
وهو يحس بيد المرأة تداعب شعر رأسه، فكر في أنه يجب عليه بأي حال أن يموت قبل الفجر الذي يقترب منه حثيثا بعد ساعات قليلة. فمعه السم اللازم لذلك، وأضيفت متعة تناوله بطريقة يخدع بها ريكو لكيلا تراه.
Halaman tidak diketahui