120

Masalah dengan Orang Asing: Kajian dalam Falsafah Akhlak

مشكلات مع الغرباء: دراسة في فلسفة الأخلاق

Genre-genre

ثمة وجه آخر لا تتعارض فيه المساواة والفردية كما يفترض ليفيناس؛ فالتعامل مع الآخرين بطريقة عادلة لا يعني التعامل معهم بنفس الشكل، وتكون النتيجة النهائية له هو الظلم البين، لكنه يعني تعامل الفرد باهتمام متساو نزيه مع احتياجاتهم المختلفة الفريدة؛ فالتماهي والاختلاف ليسا في هذا الإطار متعارضين. إذا فسيلفيان أجاسنسكي - التي تفرق مثل ليفيناس بين العلاقات بين الكيانات الفردية المطلقة من ناحية والتكافؤات اللاشخصية للنظام الرمزي من ناحية أخرى - مخطئة في زعمها أنه «في حالة الاحترام الأخلاقي أو الحب بدافع الواجب، تنشأ علاقتي من ضرورة لا تراعي فردية الآخر ...»

11

إن افتراض ليفيناس لمفهوم برجوازي للمساواة باعتبارها تكافؤا مجردا هو وحده السبب في أنه أجبر على التخلي عن هذا المفهوم لدائرة السياسة الثانوية، بينما تصير الفردية حصن الأخلاق.

أما عند ماركس - في المقابل - فكل الرجال والنساء يجب أن يمنحوا نفس القدر من الاحترام، لكنه احترام يعني الإقرار بأن احتياجاتهم فريدة ومختلفة. وهذا أحد الأسباب التي يعارض من أجلها فكرة التساوي في الدخل في عمله «نقد برنامج جوتا»؛ فالمساواة المجردة ليست فضيلة اشتراكية، مهما بلغت قيمتها التقدمية في عصرها؛ فالمساواة عند ماركس، وهو مفكر يدين بأفكاره لكل من الخصوصية الرومانسية والعمومية التنويرية، يجب أن تتجسد في الاختلاف بين البشر وليس في القضاء عليه. إن النسخة الماركسية من الاشتراكية ترى هذا ببساطة؛ ترى أن الوسائل المادية قد ترسخت في المجتمع الإنساني - الذي ازدهر في الغالب على حساب حرية الفرد - لكي يعاد اختراعها على مستوى الفرد المتميز المتطور. وهذا هو السبب وراء ترحيب الماركسية بتراث الطبقة الوسطى الليبرالي العظيم، وانتقادها له. ففي ظل نظام ديمقراطي اشتراكي سيتمتع كل الرجال والنساء بحق متساو في المشاركة في تقرير مصير الحياة العامة؛ لكن كيفية ذلك تعتمد على قدراتهم الفردية. •••

ليس لفكر جاك دريدا الأخلاقي أن يشغلنا طويلا؛ فهو في الغالب مجرد حواش مطولة لتأملات ليفيناس الذي أعلن دريدا ذات مرة - في غرابة سببها انتقاداته المتنوعة لأستاذه في الفلسفة - أنه في اتفاق تام معه؛ إذ يكتب دريدا بحماس عن أن ليفيناس قد أحدث ثورة في معنى الأخلاق برمته؛ لكن هذا يغفل حقيقة أن فكر الأخير كان لا يزال يعتمد على مفهوم تقليدي (مثير للريبة بشدة) عن الأخلاق بوصفها التزاما بالأساس، وكذلك حال دريدا نفسه. إن استحواذ كانط على اهتمام الدوائر الأكاديمية الفرنسية يكفي للتأكيد على أن حتى أكثر المفكرين الباريسيين بوهيمية وغرابة يدين بالفضل لمفاهيم الواجب الأخلاقي التي دخلت مقبرة التاريخ على نحو دائم في أماكن أخرى. ويفترض دريدا - مستكملا مسيرة زميله الأكبر دون تردد - أن الأخلاق الصحيحة يجب أن تدور حول فكرة المسئولية. وهو افتراض كان ليفاجئ أرسطو أو هيوم أو بنثام أو نيتشه؛ إذ يظل الفكر الأخلاقي لليفيناس ودريدا أسير قيود علم الواجب الأخلاقي؛ فهو يتمكن من ترجمة خطاب تقليدي للقوانين والحقوق والأفراد إلى خطاب أكثر شاعرية أو فينومينولوجية، خطاب عن المخاطرة والحث والأمر والمغامرة والغيرية والغموض واللاتناهي والاستحالة. ففي فكر ليفيناس ودريدا نجد نسخة روحانية من نظرية كانط الأخلاقية، نسخة تملؤها بصدى شعري ينقصه بشدة بصمة كانط. إن أعمال دريدا الأولى لا تعرف بتناولها للأخلاق؛ لكنه في مقاله المتأخر «قوة القانون» نجد أنه يناقش فكرة أن التفكيكية «هي» العدالة، مثلما يزعم في كتابه «أطياف ماركس» أنه اعتبر التفكيكية صورة متطرفة من الماركسية. ومن الصعب أن نحدد أي المدرستين النظريتين المذكورتين أكثر دهشة من الأطروحة الأخيرة.

يوظف دريدا الأخلاق - شأنه شأن ليفيناس - لمهاجمة العالم الاجتماعي السياسي؛ إذ يكتب: «لا مسئولية من دون انفصام مغاير ومبتكر عن التقاليد أو السلطة أو المعتقد التقليدي أو القواعد أو العقيدة.»

12

فالأخلاق صورة من الطليعة الروحية التي تهاجم بقوة الخمول الراضي للحياة اليومية. ولا يبدو أن هذا ما يراه دريدا؛ حيث إنه أسير التعارض الشديد بين ما هو معارض وما هو معياري، لدرجة أن يرى تقاليد مجددة وتقاليد قمعية، أو معتقدات تنويرية وأخرى بربرية، أو أعرافا ثورية وأخرى كابتة للحرية، أو قواعد وقائية وأخرى بيروقراطية، أو أشكالا حميدة وأخرى خبيثة من السلطة. وثمة الكثير من صور التهميش غير المقبولة، وأشكال الاعتداء الإجرامية، وأساليب المعارضة المظلمة، وأشكال خرق القواعد المؤذية. يمكن للإجماع أن يتطرف، ويمكن لعدم الالتزام أن يكون مفضلا على نحو بغيض؛ فالمجتمع - وهو مفهوم يخبرنا عنه دريدا في كتابه «عن الاسم» أنه طالما رآه مريبا - يمكن أن يكون بيئة داعمة بقدر ما هي خانقة. لكنه يعادي هذا المفهوم بشدة لدرجة أن جيه هيليس ميلر يمكن أن يرى على نحو منصف أن عمل دريدا يتميز ب «الافتراض الأساسي أن كل ذات أو كينونة معزولة تماما عن كل الآخرين.» فحسبما يقتبس دريدا وهو يكتب كما لو في ملف شخصي: «فبين عالمي وعالم الآخرين ... هناك ... انقطاع غير متناسب مع كل محاولات المرور والتجاوز والعبور والاتصال والترجمة والمجاز والنقل. فما من عالم، بل جزر منفصلة فقط.»

13

فنحن لا نتعامل مع الغيرية، بل مع الانعزالية.

Halaman tidak diketahui