108

Masalah dengan Orang Asing: Kajian dalam Falsafah Akhlak

مشكلات مع الغرباء: دراسة في فلسفة الأخلاق

Genre-genre

لا شك أن مثل هذه العواطف كان لها صدى إيماني كبير عند قراء ووردزوورث المسيحيين؛ لكن الإشارات الضمنية لهذه الفقرات هدامة أكثر مما يتصور هؤلاء الأشخاص المحترمين. فرسول الطبيعة القدير - برسالته الداعية للخير والسكينة - يحذرنا من أن الطبيعة مفعمة بالتناقض مع قوة ما غير معروفة، تؤدي إلى التشويش على رؤيتنا وقطع أوصال إشباعنا الذاتي وجعلنا في غير رضا أبدي. صحيح، كما يصر هارتمان، أن قدرا كبيرا من جهد ووردزوورث ينصب على مقاومة هذه الحقيقة الصادمة، وامتصاص هذا التشويش واستئناس مخاوف الخيال. وسيشك ووردزوورث في أن الثورة الفرنسية عمل من صنع الخيال التدميري، يصده فكر عضوي إنجليزي، فمهمة الطبيعة أن تغري الإنسان بنسيان لا محدوديتها الخفية، وأن تربطه بدلا من ذلك بالعالم الدنيوي. لكن هذا ليس هدفا سهلا، فملكة الخيال - كما يشير هارتمان - شديدة التحفظ؛ إذ تسعى لأن تغرس في الناس ذكريات وصورا لوجود أزلي سابق، كما في قصيدة «إرهاصات الخلود». وهي عند هذه النقطة ليست بعيدة تماما عن دافع الموت عند فرويد، وهو قوة أخرى حافظة تسعى لإعادتنا إلى أصولنا الأزلية. فالشاعر يريد أن يؤمن بأن الطبيعة والذاتية شريكان، وليسا عدوين أبديين. لكن إن كان ووردزوورث يسعى جاهدا في هذا الإطار لأن يكون شاعرا للنظام الخيالي أو النظام الرمزي، فهذا لأنه بالأساس رسول للنظام الواقعي.

إن لحظة الركود أو التجمد الكارثي هي أيضا لحظة تحول روحي، فالذات تزيل أي شيء قد يحول بينها وبين اللانهاية، أيا كانت المخاطرة. ففي إطار ما يعتبره هارتمان «التحول الكارثي إلى الجمال المريع» ينتهي عالم قديم ويولد شكل جديد من الوعي. وثمة انطلاق «يعمي البصر» يتخطى فيه الشاعر حدود مشهد مألوف إلى (بحسب كلمات هارتمان مرة أخرى) «مضيق بين صورتين من الوجود». فالنفس التي يستحوذ عليها الخيال تصير نفسا لأحد الموتى الأحياء، وتهيم في مطهر أو منطقة حدودية بين المحدودية واللانهائية. وكما يقول أوزوالد - الشخصية الشريرة التي رسمها ووردزوورث في مسرحية «الحدود» - عن نفسه: «بدوت كائنا عبر وحيدا، إلى فضاء مستقبلي.» يرتكب أوزوالد واحدا من أفعال الخيانة الكثيرة الموجودة في أدب ووردزوورث، وهو مصطلح يستخدمه لاكان مع النظام الواقعي. فقد خلع عباءة العادات والتقاليد والقانون الطبيعي، وهو عصيان يذمه ووردزوورث ظاهريا لكن داخليا يكن له كل تعاطف، بل إن ووردزوورث في وقت كتابة هذه المسرحية، ظن أن الحياة والوعي والحضارة جميعها كانت قائمة على جريمة أو حالة قتل أولى في حق الطبيعة.

تسعى الذات، إذ يفصلها عن الطبيعة والحياة اليومية حاجز لا يمكن عبوره، إلى قهر إحساسها بالاغتراب بالتعلق الشديد بشيء أو فكرة ما، في عناد يعتبره هارتمان مثيرا للشفقة ومخيفا في آن واحد. ويعج عمل ووردزوورث «أناشيد غنائية» بمثل هذه النماذج التي ليس من الصعب أن نرى من بينها شبحا لموضوع الرغبة المستحيل عند لاكان، فحتى عندما تعاني شخصيات ووردزوورث من خسارة عادية جدا، فإن العاطفة التي يشعرون به تجاهها تكون غير عادية؛ حيث يربطون مثل هذه الأشياء العادية برغبتهم. ويشير هارتمان إلى أن العناد والإصرار سمتان أساسيتان في شعر ووردزوورث؛ حيث إنهما يرمزان لرغبة النظام الواقعي، فثمة إصرار هوسي عنيد لا إنساني يتسم به العديد من شخصيات ووردزوورث؛ إصرار من النوع الذي رأيناه عند كولهاس وشايلوك.

وفي حلم الدمار المخيف الوارد في الجزء الخامس من عمل «المقدمة»، يجد الشاعر نفسه في برية بلا دليل ولا علامة؛ «كلها مظلمة وخاوية»، وهي إشارة شائعة في شعر ووردزوورث للعزلة والضياع المقترن بظهور النظام الواقعي. ويظهر مرشد حاملا رمزين لما يربط الإنسان بغيره: حجرا، وهو ما يرمز إلى الهندسة؛ ومن ثم - وبعبارة هارتمان - إلى العلاقات الأزلية المجردة؛ وصدفة، ترمز للشعر أو العلاقات الإنسانية العاطفية. يمكننا القول إن غرضي المرشد الرمزيين يشيران إلى البعدين الرمزي والخيالي من الوجود الإنساني: العلاقات المجردة من ناحية والعلاقات العاطفية من الناحية الأخرى. إلا أن الحلم يتضمن صورا للدمار الوشيك لكل من الطبيعة والإنسانية، صورا للمواجهة الحادة مع النظام الواقعي الذي يخشاه الشاعر ويصبو إليه معا، في الوقت الذي يسرع فيه المرشد الذي يمكن أن ينقذه من الكارثة مبتعدا، وبعجز الحالم عن اللحاق به يستيقظ فزعا. إن أعظم شاعر إنجليزي للطبيعة والشعور الإنساني والوحدة العضوية تحركه للكتابة قوة تتنافى مع تلك الثلاثة جميعا.

إن كانت «كلاريسا» واحدة من الروايات التراجيدية القليلة في إنجلترا قبل أعمال توماس هاردي، فذلك بالأساس لأن فن الطبقة الوسطى في ذلك العصر كان يهدف للتهذيب لا لنشر اليأس. ومثال آخر مهم على تلك الروايات رواية إميلي برونتي «مرتفعات ويذرنج».

20

لا شك أن انتماء عملي ريتشاردسون وبرونتي للنظام الواقعي هو السبب في اتصافهما بالسمة التراجيدية الفريدة المميزة لهما، في ظل مجتمع يفضل أن ينهي كتابه أعمالهم بإشارة إلى الزواج وتأمين الممتلكات ونجاح أهل الخير وفشل أهل الشر. أو بحسب صياغة هنري جيمس: «بذكر توزيع الجوائز والمنح والأزواج والزوجات والأطفال وملايين الأموال والفقرات الملحقة والملاحظات البهيجة.»

21

إن رواية «مرتفعات ويذرنج» تقدم بالفعل في تردد لمحة تفاؤل في ختامها؛ لكنه خيط أمل ضعيف وهش، يختفي في ظل المأساة العاصفة لكاثرين وهيثكليف.

من الصعب وصف الرابطة بين الشخصيتين بأنها علاقة؛ حيث يبدو إنها تفتقر لحس الاختلاف. كما أنها رابطة غريبة لا مكان للجنس فيها. وإن كان من الأصعب ذلك أن نطبق عليها خطاب حب أو عاطفة أخلاقي تقليدي؛ فذلك لأن ثمة شيئا لا إنسانيا غريبا يميز هذا التعايش العنيف لهاتين الشخصيتين الذي يتضح أنه مناف للأخلاق الرمزية. فكاثرين وهيثكليف، إذ يحركهما تعطش أولي لا يعرف الرقة واللطف، أقرب إلى تمزيق كل منهما الآخر من أن ينتهي بهما الحال أمام كاهن يزوجهما، وهما يتخذان طوال الرواية سبيلا متعذر تغييره نحو الموت. فما يحركهما ليس دافع الحياة بقدر ما هو دافع الموت، كما في سعي كاثرين الساخط لتشق طريقها وحدها، أو عندما يقف هيثكليف - وهو صورة من الموتى الأحياء - متصلبا كالتمثال أمام نافذتها، فاحتياجهما المحموم لبعضهما بعضا هو شغف بالنظام الواقعي، شغف يتجاوز لطف النظام الرمزي إلى برية بلا معالم تسميها الرواية بالطبيعة.

Halaman tidak diketahui