بلانش (تهمس لأنتوانت بالفرنساوية) :
عارف لطيف لا بأس به، أتعلمين؟
أنتوانت :
لا بأس به لولا أن حذاءه كثير اللمعان؛ ليس من المعقول أن حذاء يشع من تلقاء نفسه على هذه الصورة. ومن عيوبه أنه يتكلم (محاولة اتقان اللفظ بتهكم أنيق)
بلغة الحاء والخاء والعين.
عوني :
مع تقديري لخدمات الجمعيات الخيرية أقول إننا في هذا العصر نأبى استماع كلمات الإحسان والمحسنين. لقد مل الناس فضل الناس كما مل المتفضلون التفضل. والإنسانية التي تبذل حياتها في سبيل الإنتاج لا تمد يدها للاستعطاء؛ لأنها تعلم أن المسئولية تنيلها حقوقا، وهي بتلك الحقوق تتذرع لتعمل على توطيد المساواة. لقد ذكر عارف تمثيل الألم وتعمل الاحتياج، وما الدافع إليهما سوى هذا النظام الذي يسمن قوما ويهزل قوما؛ فيعمد المحرومون إلى أية الوسائل ليتمتعوا. النظام القائم مبعث الشرور وخالق الكذب والغش والتهجم. استبدله بنظام يسوي بين الجميع تختف المعايب والمفاسد والمخازي التي لم يوجدها سواه.
عارف :
ما سمعتك متكلما، يا صاحبي عوني، إلا رسخ اعتقادي بأنك ولدت لتكون رئيس مدرسة إكليريكية تهيئ المرسلين للوعظ والإرشاد ... إذن كيف تفسر النصب والاحتيال من الغني السري؟ إن في النظام القائم لعيوبا جمة يتحتم إصلاحها. ولكني بينه وبين الليمان العالمي الشامل الذي تعدنا به الاشتراكية متردد، ويكاد يكون ضلعي معه. إن المساواة التي تطلبونها بجلجلة وضجيج موجودة في العالم، ولكن العقول المتنوعة لا تدركها على نمط واحد، وهي الطبائع المختلفة التي تنبذها هنا وتحضنها هناك. في مدرسة واحدة تتخرج أجيال الطلبة فينبري واحد منهم ينتقل اسمه وفكره على جناح الدهور، ويظل مئات رفاقه بين التوسط والخمول متراوحين. هواء واحد تنشره الطبيعة فيقضي على أناس ويحيي أناسا. قانون واحد يفسره من المحامين مئات وألوف فيكون في يد الفذ براءة امرئ تألبت لاتهامه القرائن. عوز واحد يعض الجماعة فيتشدد به العبقري ويسمو بينا الآخرون يظلون في هوة المذلة والشكوى. فرصة فريدة تسنح لأخوين فيستفيد بها الواحد ويفيد، ويهبط بها الآخر ويؤذي. وتعودون بعد ذلك إلى المناداة بالمساواة؟ أما ذكرت في الحكايات القديمة كيف تملأ الغرف التسع والخمسين الآلات المختلفة والأسلحة والأمتعة الثانوية، ولا يوجد الشيء الجوهري إلا في الغرفة الستين؟ ذلك شأن الناس؛ إذ ليست جميع الأقفال لتخفي كنوزا وإن أخفت أشياء لها أهميتها النسبية.
زكي أفندي :
Halaman tidak diketahui