الثورات ضرورية لجرف النظم البائدة، الثورات ضرورية لتجديد القوى وإيحاء الجرأة والإقدام، ولكنها لا تنفع لغير ذلك. إن المذاهب الثورية من الاجتماع بمثابة الزعازع من الطبيعة والزلازل والطوفانات. ولئن كان لكل من هذه القوى فائدته في الخليقة رغم ما يجر من خراب ودمار ، فهل يمكن أن تكون مقذوفات البركان الفوار نظاما للساكنين حواليه؟!
كروبتكن! كروبتكن! أنت الذي كنت من أهل الوحي والرؤيا قبل أن تصير مليك المؤامرات السياسية، وتناسيت مرتبتك لتمتزج بالشعب شاعرا بجوع الجائع، ووحشة المنفى، ويأس المحكوم عليه، وعار المرأة الساقطة! أنت الذي عرفت أبهة بلاط القياصرة
1
وإكرام المجامع العلمية قبل أن تسجن في الحصن المطل على نهر النيڤا، وتهرب مجازفا بحياتك إلى حيث عشت فقيرا محتاجا تبتاع قوتك بعمل يدك! لقد أنكرت البلشفية، فهل قضيت راضيا عن المذاهب الفوضوية؟ هل ظللت على يقينك حتى حافة القبر؟ هل قضيت راضيا واثقا بأن المستقبل لجماعتك؟
وهمان كبيران يقودان الحياة؛ في أحدهما يحسب المرء نفسه حرا في العبودية على شرط أن تغير اسمها وشكلها - وإن ظل جوهرها ثابتا لا يتغير. وفي الآخر يعتقد المرء بصلاح البشر الفطري اعتقادا مطلقا. فهل تستطيع أن تقول الآن بعد أن شفت بصيرتك بنور الخلود أي الوهمين أقل خطرا؟ وأنت الذي كنت زعيم الوهم الثاني، هل تستطيع أن تنبئنا لماذا لا نفتأ نؤلم بعضنا بعضا؟ ولماذا - ما دام الناس صلاحا - قضيت أنت عمرك في محاربة «الصالحين»؟
الفصل التاسع
يتناقشون
الأشخاص:
السيدة جليلة:
معلمة مي في الماضي، فطنة، معتدلة الرأي.
Halaman tidak diketahui