المُصَنَّفُ
للإمام الحافظ أبى بكر عبد الرزاق بن همام الصنعانى
1 / 1
جميع الحقوق محفوظة ولا يسمح بإعادة إصدار هذا الكتاب أو أي جزء منه أو نقله بأي وسيلة من الوسائل سواء كانت إلكترونية أو ميكانيكية بما في ذلك النسخ أو التصوير أو المسح الضوئي أو التسجيل أو التخزين بما يمكن من استرجاع الكتاب أو أي جزء منه، ولا يُسمح باقتباس أيّ جزء من الكتاب أو ترجمته إلى أي لُغَة، كما لا يُسمح بتعديل المادة الموجودة في الكتاب أو أيّ جزء منه دون الحصول على إذن خطّي مُسْبَق من النَّاشِر.
الطَّبْعَة الثَّانِيَةُ
١٤٣٧ هـ / ٢٠١٦ م
All right reserved.No part of this publication may be reproduced
distributed، or transmitted
in any form or by any means، including
copying، photocopying or other electronic،mechanical methods،it
also includes scanning، recording، storing by a mean or another that
could be retrived. it is also not allowed to quote or translate any
part of this book into any language، and it is not allowed to amend
the existing material of this book or any parts of it without the prior
written permission of the publisher.
الناشر
دار التأصيل
مركز البحوث وتقنية المعلومات
٣٤ ش أحمد الزمر - مدينة نصر - القاهرة - جمهورية مصر العربية
تلفون: ٢٢٧٤١٠١٧ - ٢٢٨٧٠٩٣٥ - ٠٠٢٠٢ - المحمول: ٠١٢٢٣١٣٨٩١٠ - ٠٠٢
لبنان - بيروت - ساقية الجنزير - شارع برلين - بناية الزهور
هاتف: ٩٦١١٨٠٧٤٨٨ فاكس: ٩٦١١٨٠٧٤٧٧ ص ب: ٥١٣٦١٤ الرمز البريدي: ١١٠٥٢٠٢٠
www.taaseel.com - mail ٢ [email protected] - [email protected]
1 / 2
ديوان الحديث النبوي
(٢٢)
المُصَنَّفُ
للإمام الحافظ أبي بكر عبد الرزاق بن همَّام الصّنعاني
الطبعة الثانية
طبعة مزيدة موثقة أعيد تحقيقها على سبع نسخ خطية
تحوي (١٦١) رواية جديدة
المُجَلَّد الأوَّل
تَحْقِيق ودِرَاسَة
مَرْكَز البُحُوث وَتَقْنِيَةِ المَعْلُومَات
دَار التأصيل
1 / 3
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
إن هو إلا وحي يوحى
1 / 4
بسم الله الرحمن الرحيم
تمهيد
الحمد للَّه وحده، والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله وصحبه، وبعد؛
فمن أجل نهضة علمية معاصرة للسنة النبوية وعلومها، ومنذ ثلاثين عامًا تم إنشاء دار التأصيل مركز البحوث وتقنية المعلومات في القاهرة، التابعة لدار التأصيل في الرياض؛ بهدف ضبط وتحقيق وإخراج ونشر التراث الإسلامي، باستخدام وسائل البحث العلمي المعاصر، التي تتمثل في الحاسب الآلي وبرامجه وأدواته، وقواعد المعلومات والمنتجات المرتبطة به، وهو ما أطلقت عليه دار التأصيل: (المعلوماتية التراثية).
واتخذت دار التأصيل مركز البحوث وتقنية المعلومات - بوصفها أعرقَ بيت خبرة يعمل في مجال السنة النبوية وعلومها - مبدأ "الإتقان من أجل جودة تليق بالسنة النبوية" شعارًا ودثارًا، وآمنت بأن العناية بكتب التراث - وأخصها كتب السنة النبوية - واجب كفائي على القادر من المسلمين؛ لأن السنة النبوية هي الحكمة الموحى بها، المبينة للقرآن الذي أنزل هداية ورحمة للعالمين، والشارحة لأحكامه، والمتممة لتشريعاته بإجماع المسلمين.
وتتويجًا لجهود دار التأصيل مركز البحوث وتقنية المعلومات أصبحت - ولله الحمد - الشركة الرائدة الوحيدة التي حصلت على شهادة الجودة العالمية الآيزو [٢٠٠٨: ٩٠٠١ ISO] في مجال البحث العلمي المتعلّق بتطوير ضبط وتحقيق التراث الإسلامي، وقامت بتطبيق وتفعيل المتطلبات اللازمة للنهوض بالتراث الإسلامي في كل إجراءات العمل التي تقوم بها، وتتم الراجعات الدورية على أعمالها من قبل الجهة المانحة لشهادة الآيزو [ISO] بشكل منتظم؛ حرصا منا على الاستمرار في تفعيل أنظمة الجودة؛ لانعكاسها على جودة المشروعات.
1 / 5
وقد عملت دار التأصيل - من خلال فريق عمل تراوح بين السبعين والمائة من العلماء والباحثين في الحديث واللغة والفقه، والمتخصصين في الإدارة وتحليل النظم وقواعد البيانات وتطوير برامج الحاسب الآلي - لتحقيق النهضة العاصرة المرجُوَّة للسنة النبوية وعلومها، وفي سبيل ذلك قامت بها دار التأصيل بتبني مجموعة من المحاور العلمية والعملية لترسيخ وتطوير الفاهيم المتعلقة بالسنة النبوية والمعارف التراثية، وترتبط هذه المحاور ارتباطًا جذريًّا بعصر المعدومات، حيث قامت دار التأصيل بإعداد برامج حاسوبية تتميز بدقتها وإبداعها، ومزجها بين علوم الحديث والتطبيق العملي، من خلال أصول السنة النبوية الموثقة على مخطوطاتها، وتفعيل التكامل بينهما، وقد نالت هذه البرامج - وللَّه الحمد - على إعجاب وثناء العلماء الذين اطلعوا عليها.
ومن أهم هذه المحاور التي قامت عليها أعمال دار التأصيل: العناية بأصول كتب السنة النبوية:
حيث قامت دار التأصيل - بعون اللَّه وفضده - بتحقيق وإخراج وطبع أهم مراجع أصول السنة النبوية على أوثق مخطوطاتها ورواياتها المعتمدة، وتم إصدارها في سلسلة تشمل المصادر الأساسية للحديث النبوي، تحت مُسمَّى "ديوان الحديث النبوي"، الذي يشمل أهم أصول السنة النبوية التي أُلِّفت في عصر التدوين، مستوعبة صحيح وحسن السنة النبوية المسندة، وقد تم إخراجها بجودة تليق بكتب السنة النبوية، وفق منهج علمي ارتضاه العلماء والمتخصصون، وقد تضمن الديوان:
١ - "الجامع الصحيح" للإمام البخارى ﵀: الذي طُبع في عشرة مجلدات بجودة تليق بالسنة النبوية، وطبعته الثانية الزيدة في ثمانية مجلدات، وقد تمت مراجعة هذه الطبعة وتصحيحها على اليونينية (الطبعة السلطانية)، وإضافة ما زادته نسخة الحافظ البقاعي الخطية من فروق بين الروايات، مع شرح رموز الحافظ اليونيني لأصحاب الروايات والنسخ وتحويلها لمدلولاتها؛ تيسيرًا على القراء وطلبة العلم، كما تم تعيين رواة أسانيد أحاديث الكتاب، وتذييل الكتاب بفهارس علمية متخصصة، إضافة إلى العديد من الميزات العلمية الأخرى.
1 / 6
٢ - "المسند الصحيح" للإمام مسلم في الحجاج ﵀ المشهور بـ "صحيح مسلم": الذي طبع في ثمانية مجلدات، محققًا - لأول مرة في العصر الحديث - على خمس نسخ خطية، تعدُّ من أقدم النسخ وأوثقها، مع تعيين رواة أسانيد أحاديثه، وتذييل الكتاب بفهارس علمية متخصصة، إضافة إلى العديد من الميزات العلمية الأخرى.
٣ - "السنن" للإمام أبي داود السجستاني ﵀: الذي طبع في ثمانية مجلدات، محققًا على (١٨) نسخة خطية، منها سبع نسخ كاملة هي أوثق أصوله، اعتمدت رواية اللؤلئي في الأصل، وابن داسه وغيرها من الروايات في الحاشية، مع تعيين رواة أسانيد الأحاديث، وتذييل الكتاب بفهارس علمية متخصصة، إضافة إلى العديد من الميزات العلمية الأخرى.
٤ - "الجامع الكبير" للإمام الترمذي ﵀ المشهور بـ "سنن الترمذي": الذي طبعت طبعته الأولى في خمسة مجلدات، وحُقق على نسختين خطيتين تامتين من رواية المحبوب، عن الإمام الترمذي، مع الاستئناس بست نسخ أخرى مساعدة، مع تعيين رواة أسانيد الأحاديث، وتذييل الكتاب بفهارس علمية متخصصة، إضافة إلى العديد من الميزات العلمية الأخرى. وفي سبيل الوصول لدرجات أعلى من الإتقان لخدمة السنة النبوية، قامت دار التأصيل بإعادة تحقيق الكتاب مرة أخرى وإصدار الطبعة الثانية التي أصبحت - بفضل اللَّه - أدق وأوثق من الطبعة الأولى؛ نظرًا للوقوف على نسخ خطية موثقة زيادة على ما اعتمد عليه في الطبعة الأولى، بحيث أصبح الكتاب موثَّقًا على عشرين نسخة خطية، منها اثنتا عشرة نسخة من رواية المحبوبي، والثمان الباقية تم الاستئناس بها في مواضع الخلاف.
٥ - "السنن الصغري" (المجتبى) للإمام النسائي ﵀: الذي طبع في تسعة مجلدات، وضبط وحقق على ثمانية نسخ خطية، ومطبوعة حجرية قديمة للاستئناس بها، مع تعيين رواة أسانيد أحاديث الكتاب، وتذييل الكتاب بفهارس علمية متخصصة، إضافة إلى العديد من الميزات العلمية الأخرى.
1 / 7
٦ - "السنن الكبرى" للإمام النسائي ﵀. الذي طبع في عشرين مجلدًا، وحُقِّق على إحدى عشرة نسخة خطية، مع تعيين رواة أسانيد أحاديث الكتاب، وتذييل الكتاب بفهارس علمية متخصصة، إضافة إلى العديد من الميزات العلمية الأخرى.
٧ - "السنن" للإمام ابن ماجه ﵀: الذي طبع في أربعة مجلدات، وحقق على نسختين خطيتين، إحداهما لم يُعتمد عليها من قبل، مع الاستعانة ببعض النسخ الأخرى، وقد تم تعيين رواة أسانيد أحاديث الكتاب، وتذييل الكتاب بفهارس علمية متخصصة، إضافة إلى العديد من الميزات العلمية الأخرى، وجاري العمل على إصدار الطبعة الثانية التي ستكون - بإذن اللَّه - أدق وأوثق من الطبعة الأولى؛ نظرًا للوقوف على نسخ خطية موثقة زيادة على ما اعتمد عليه في الطبعة الأولى.
٨ - "موطأ الإمام مالك" برواية أبي مصعب الزهري: التي تعد من أوثق الروايات للموطأ؛ لكونها آخر ما روي عن الإمام مالك ﵀، وقد طبع الكتاب في ثلاثة مجلدات، وقد تم ضبطه وتحقيقه على نسختين خطيتين كاملتين، ونسخة ثالثة مكونة من قطعتين، ومقارنة رواية أبي مصب الزهري برواية يحيى بن يحيى الليثي على مستوى الأحاديث، مع تعيين رواة أسانيد أحاديث الكتاب، وتذييل الكتاب بفهارس علمية متخصصة، إضافة إلى العديد من الميزات العلمية الأخرى.
٩ - "المسند" للإمام الدرامى ﵀: الذي طبع في ثلاثة مجلدات، مضبوطًا ومحققًا على ثلاث نسخ خطية كاملة، هي غاية في الجودة والتوثيق، مع الاستعانة في ضبط النص وتوثيقه بست نسخ خطية أخرى، وقد تم تعيين رواة أسانيد أحاديث الكتاب، وتذييل الكتاب بفهارس علمية متخصصة، إضافة إلى العديد من الميزات العلمية الأخرى.
1 / 8
١٠ - "صحيح الإمام ابن خذيمة" ﵀: الذي طبع في أربعة مجلدات، مضبوطًا ومحققًا على نسخته الخطية الفريدة، مع تفعيل النسخ الوسيطة في ضبط النص، وتعيين رواة أسانيد أحاديث الكتاب، وتذييل الكتاب بفهارس علمية متخصصة، إضافة إلى العديد من الميزات العلمية الأخرى.
١١ - "الإحسان في تقريب صحيح الإمام ابن حِبَّان" ﵀ بترتيب ابن بلبان: الذي طبع في تسعة مجلدات، مضبوطًا ومحققًا على نسخة خطية، إضافة إلى أصله "التقاسيم والأنواع"، مقارنًا مع "موارد الظمآن بزوائد ابن حبان" للحافظ الهيثمي وطبعاته المشهورة، مع تعيين رواة أسانيد أحاديث الكتاب، وتذييل الكتاب بفهارس علمية متخصصة، إضافة إلى العديد من الميزات العلمية الأخرى.
١٢ - "المستدرك على الصحيحين" للإمام الحاكم ﵀: الذي طبع في تسعة مجلدات، محققًا على نسخة خطية (نسخة رواق المغاربة بالجامع الأزهر)، إضافةً إلى النسخة الوزيرية، ونسخة دار الكتب المصرية بوصفها نسخًا مساعدة، وتميَّزت هذه الطبعة - عدا ضبط النص - بدراسة علمية تعقبت فيها أحكام الإمام الحاكم، مع تبيان وجه الصواب والخطأ في أحكامه، وتعيين رواة أسانيد أحاديث الكتاب، وتذييل الكتاب بفهارس علمية متخصصة، إضافة إلى العديد من الميزات العلمية الأخرى.
١٣ - "المنتقى" للإمام ابن الجارود ﵀: الذي طبع في مجلد واحد، وتم ضبطه وتحقيقه على نسخته الخطية الفريدة، مع تعيين رواة أسانيد أحاديث الكتاب، وتذييل الكتاب بفهارس علمية متخصصة، إضافة إلى العديد من الميزات العلمية الأخرى، وقد طبع منه حتى الآن أربع طبعات.
١٤ - "مسند إسحاق بن راهويه" ﵀: الذي طبع في أربعة مجلدات، وقد تم ضبطه وتحقيقه على نسخته الخطية الوحيدة، مع تعيين رواة أسانيد أحاديث الكتاب، وتذييل الكتاب بفهارس علمية متخصصة، إضافة إلى العديد من الميزات العلمية الأخرى.
1 / 9
ونظرًا لفقدان أكثر من نصف المخطوط، فإن دار التأصيل زادت عليه عملًا مبتكرًا يقارب نصف الحجم الأصلي للكتاب، وذلك في صورة ملحقين:
الملحق الأول: اشتمل على نص يعتبر مكمِّلًا للنقص الواقع في الأصل الخطي المعتمد عليه في طبعة دار التأصيل، وهو عبارة عن نسخة خطية لجزء منتخب من "مسند إسحاق بن راهويه"، غير أننا لم نلحقه بالنص المحقق لاختلاف الرواية فيه عن الإمام إسحاق بن راهويه، فالنص المحقق من رواية عبد الله بن شيرويه، أما هذا الجزء "المنتخب" فمن رواية محمد بن شادل الهاشمي، وكلاهما من رواة "المسند" عن الإمام إسحاق بن راهويه، فلم نرغب في الخلط بين الروايتين، كما هو الحال في المنهج التبع في دار التأصيل؛ ولأنه - أيضًا - منتخب من "المسند"، وليس هو أصل "المسند" الكامل.
الملحق الثاني: اشتمل على نوعين من الأحاديث:
النوع الأول: الأحاديث التي نسبها أهل العلم إلى "مسند الإمام إسحاق بن راهويه"، وهذا النوع أحاديثه مقطوع بنسبتها إلى "المسند".
النوع الثاني: الأحاديث التي تروى من طريق عبد اللَّه بن شيرويه - راوي السند - عن إسحاق بن راهويه، وهذا النوع أحاديثه غير مقطوع بنسبتها إلى "السند".
• قمنا بجمع وترتيب روايات هذين النوعين على المسانيد ترتيبًا ألفبائيًّا، مع الروايات داخل المسند الواحد حسب الراوي عن الصحابي، فجمعنا ما تفرق من حديث كل تابعي في مكان واحد، مقدِّمين في ذلك الأكثر رواية عن الصحابي في جمعنا هذا، ثم ذكرنا الأحاديث المعلقة التي سيقت دون إسناد في آخر مسند الصحابي الذي رُوي الحديث عنه.
ونأمل أن يكون هذا العمل إضافة علمية مهمَّة لـ "مسند إسحاق بن راهويه"، وأن يقف الباحثون من خلاله على بعض الروايات المفقودة من هذا المسند، ودعاؤنا للَّه أن ييسر العثور على المفقود من هذا المسند المهم.
1 / 10
١٥ - "المسند" للإمام أبي يعلى الموصلي ﵀: وقد تم ضبطه وتحقيقه على نسختين خطيتين، والاستعانة والاستئناس بنسخ أخرى، مع تعيين رواة أسانيد الأحاديث، وتذييل الكتاب بفهارس علمية متخصصة، إضافة إلى العديد من الميزات العلمية الأخرى.
١٦ - "المصنف" للإمام عبد الرازق ﵀: الذي نحن بصدد التقديم لطبعته الثانية، والتي أصبحت - بفضل اللَّه - أدق وأوثق من الطبعة الأولى؛ حيث أُعيد تحقيق الكتاب من جديد؛ نظرًا للوقوف على نسخ خطية موثقة زيادة على ما اعتمد عليه في الطبعة الأولى.
والعمل جارٍ على استكمال بقية المراجع التي تُعدُّ من الأصول الهمة للسنة النبوية ومنها:
• "المسند" للإمام أحمد بن حنبل ﵀: الذي تقوم دار التأصيل بضبطه وتحقيقه على أصول خطية موثَّقة، بعضها لم يحقَّق من قبل، وقد تم تبويبه موضوعيًّا من خلال الفهارس، مع تعيين رواة أسانيد أحاديث الكتاب، وتذييل الكتاب بفهارس علمية متخصصة، إضافة إلى العديد من الميزات العلمية الأخرى التي تليق بمسند إمام أهل السنة والجماعة.
• "مختصر مسند الإمام أحمد بن حنبل": وتتلخص فكرة العمل في المختصر على اختصار المتون المتماثلة والمتشابهة، وتجميعها في موضع واحد مع ترتيب أسانيدها، وترتيب المتن المختصر وَفق الترتيب الموضوعي للأبواب الفقهية، وقد تم - وللَّه الحمد - الفراغ منه، وأُجِّل إصداره حتى الانتهاء من تحقيق أصله "المسند".
وبعد؛ فقد حظيت - ولله الحمد - طبعات وأعمال دار التأصيل بالقبول، ونالت ثناء العلماء والمتخصصين؛ لما بُذِل في ضبطها وتحقيقها وإخراجها من جهد دقيق،
1 / 11
ورغم ما بذل في بعضها من جهد فقد اعتبرت الدار أن ما قامت به ليس إلا خطوة نحو ما يجب القيام به من ضبط وتحقيق للمراجع التي لم تقم نحوها بما يجب من الضبط والتوثيق، وذلك انطلاقًا من منهج الدار في التحسين المستمر للوصول إلى أعلى جودة ممكنة تليق بالسنة النبوية؛ لذا فقد عكف الباحثون في مركز البحوث وتقنية المعلومات بدار التأصيل على استدراك واستكمال ما نَدَّ في طبعات الدار السابقة من المراجع التي لم تبلغها الدار الشأو الأعلى في الضبط والتحقيق، ومن ذلك "المصنف" للإمام عبد الرزاق بن همام الصنعاني؛ فقد قامت دار التأصيل بإعادة العمل في ضبطه وتحقيقه على مزيد من النسخ الخطية الموثقة.
ومن أهم ما تميزت به طبعة دار التأصيل الثانية من "مصنف الإمام عبد الرزاق" عن الطبعة الأولى:
١ - اعتمدنا في الطبعة الأولى لضبط الكتاب وتحقيقه على ثلاث نسخ خطية: نسخة مراد ملا، والنسخة المنسوبة لابن النقيب وما تابعها، وهي مكونة من قطعتين: قطعة في دار الكتب المصرية، ورمزنا لها بالرمز (ك)، وقطعة في مكتبة فيض اللَّه، ورمزنا لها بالرمز (ف)، والثالثة نسخة المكتبة الظاهرية، ورمزنا لها بالرمز (ظ).
ثم مَنَّ اللَّه علينا بفضله بأربع نسخ خطية جديدة لم نعتمد عليها في الطبعة الأولى، وهي:
- نسخة دار النفائس والخطوطات ببريدة، ورمزنا لها بـ (ر).
- نسخة مكتبة الشيخ محمد نصيف، ورمزنا لها بـ (ن).
- نسخة مكتبة الحرم المكي الشريف، ورمزنا لها بالرمز (م).
- نسخة المكتبة السعيدية، ورمزنا لها بالرمز (س).
وبهذا يصبح عدد النسخ الخطية التي اعتمدنا عليها في الطبعة الثانية لـ "المصنف" سبع نسخ خطية.
1 / 12
وقد قمنا بمطابقة النسخ الأربع الجديدة مطابقة تامة، ومن خلال عملنا في تفعيل هذه النسخ الحنطية الأربع في الطبعة الثانية للكتاب، اتضح لنا التحسن الكبير الذي طرأ على ضبط الطبعة الثانية بسبب تأثير هذه النسخ الجديدة بالإضافة إلى ما قمنا به من تعيين أسانيد الأحاديث الموقوفة ومن الرجوع للمصادر الوسيطة.
٢ - انفردت طبعة دار التأصيل الثانية لمصنف الإمام عبد الرزاق باستدراك عدد من الروايات بلغت (١٦١) رواية زيادة على طبعات الكتاب السابقة.
٣ - انفردت طبعة دار التأصيل باستدراك (٣٠) رواية يغلب على الظن أنها من الجزء المفقود في بداية الكتاب (كتاب الطهارة)، وذلك من خلال النسخة الخطية الموجودة في المكتبة الظاهرية لـ "مصنف ابن أبي شيبة"، وقد أشار إك ذلك فضيلة الدكتور سعد الشثري في مقدمة تحقيقه لـ "مصنف ابن أبي شيبة"؛ حيث زاد الناسخ على حواشيها فوائد منها عدة أحاديث وآثار يغلب على الظن أنها من "المصنف" للإمام عبد الرزاق في كتاب الطهارة، وقد أثبتنا هذه الأحاديث في حاشية آخر كتاب الطهارة.
٤ - انفردت طبعة دار التأصيل الثانية لصنف الإمام عبد الرزاق باستدراك (١٠) عشر تراجم لأبواب فقهية عن طبعات الكتاب السابقة.
٥ - أتممنا ما قد فاتنا من مصورة نسخة الأصل (مراد ملا) مما قد اعتمدنا فيه على مطبوعة الشيخ الأعظمي في الطبعة الأولى، وهما عبارة عن لوحتين إحداهما في الجزء الأول والثانية في الجزء الثالث من مصورة النسخة الخطية، فأتممنا السقط الواقع في الجزء الأول من نسخة دار النفائس والمخطوطات بمدينة بريدة المرموز لها (ر)، وعثرنا على اللوحة الواقعة في الجزء الثالث فأتممنا بها مصورتنا؛ وقمنا بمقابلتها في هذه الطبعة الثانية.
٦ - فعَّلنا دور المصادر الوسيطة التي روت أحاديث الكتاب من طريق رواة المصنف عن الإمام عبد الرزاق، أو من طريق الإمام عبد الرزاق مباشرة في ضبط الكتاب؛ باعتبار أن ذلك من المرجحات القوية عند حدوث خلل أو خطأ في النسخ الخطية.
1 / 13
٧ - تم حصر الملاحظات التي وقفنا عليها في الطبعة الأولى ومراجعتها وتحريرها وتفعيل الصواب منها بالرجوع إلى النسخ الخطية سالفة الذكر والمصادر المساعدة، وقد بلغ عدد الواضع المعدلة والزائدة على مستوى الكتاب في هذه الطبعة (٧٤٠٣) مواضع، ويظهر هذا عند المقارنة بين الطبعتين الأولى والثانية.
٨ - تم تمييز زيادات روايات رواة "المصنَّف" عن غير الإمام عبد الرزاق في هذه الطبعة - والتي بلغت (١٥) حديثًا وأثرًا - عن سائر روايات "المصنَّف" وذلك بوضع رقم خاص بها، ووضع الحرف (ز) أمامها.
٩ - أتممنا العمل في تعيين رواة أسانيد "المصنف" كاملة؛ لأننا اقتصرنا في الطبعة الأولى على تعيين رواة المرفوعات فقط، وإتمام التعيين كان له أثر كبير في ضبط النص وتقويمه، لا سيما بعض أسماء الرواة التي كانت مصحفة أسماؤهم في النسخ الخطية، ولم نستطع تصويبها إلا من خلال التعيين؛ مما أثرى ضبط النص بشكل ملحوظ، وقد انعكس هذا التعيين للرواة الجدد على فهرس الرواة، فأصبح أكثر دقة واستيعابًا.
١٠ - تم تحديث شرح غريب الكلمات والجمل والعبارات الذي تم إثباته في الطبعة الأولى، وذلك من خلال مراجعة الغريب بعد التحديثات والإضافات التي تمت على قاعدة بيانات الغريب دار التأصيل، حيث كانت كلمات الغريب التي تم شرحها في الطبعة الأولى (٢٣٧٥) كلمة، فزادت في الطبعة الثانية إلى (٥٥٧٦) كلمة، أي بفارق (٣٢٠١) كلمة في هذه الطبعة.
١١ - تم إدخال العديد من التحسينات في أكثر من موضع في المقدمة العلمية، لا سيما في المبحث الخاص بشيوخ الإمام عبد الرزاق، ومبحث لماذا تعيد دار التأصيل ضبط وتحقيق "المصنَّف" مرة أخرى، وما يتعلق بوصف النسخ الخطية الجديدة التي تم الرجوع إليها والإحصائيات العامة.
1 / 14
١٢ - تم وضع بيان مرسوم بالمخطوطات التي اعتمدنا عليها في ضبط وتحقيق الكتاب، وذلك بمقارنة بعضها ببعض وما تغطيه كل نسخة من "المصنف"؛ تسهيلًا على طلبة العلم للوقوف على تصور عام عن هذه النسخ.
١٣ - تم إخراج الطبعة الثانية ملونة؛ لما فيه من حسن الإخراج، والتيسير على القارئ أثناء المطالعة.
١٤ - تم تحديث العزو إلى طبعات دار التأصيل، والتي صدرت الطبعة الأولى للمصنف قبل خروجها.
١٥ - تم إعداد فهرس لأقوال الإمام عبد الرزاق.
ومن خلال ما تقدم يتبين مقدار ما بذلته دار التأصيل من جهد في إعادة ضبط وتحقيق "المصنَّف" مرة أخرى وإخراجه في هذه الطبعة الثانية على أكمل صورة ممكنة، والكمال لله وحده، فما كان من توفيق فمن الله وحده، وما كان من قصور فمنا ونستغفر اللَّه، ونرجو ممن يقف على ملاحظة تزويدنا بها؛ نصحًا لسنة رسول اللَّه ﷺ لنتداركها في طبعة قادمة، علمًا بأن أهم التصويبات والإضافات والتحسينات التي طرأت على هذه الطبعة ستكون متاحة بعون اللَّه بعد فترة على موقع دار التأصيل؛ ليضيفها مَن حصل على الطبعة الأولى إلى نسخته، ونسأل الله أن ينفع بهذه الطبعة كما نفع بسابقتها، واللَّه الموفق واليسر والمعين فله الحمد والشكر.
وبمناسبة إصدار هذا العمل الجليل، أشكر اللَّه العلي القدير سبحانه على ما مَنَّ به من هداية وتوفيق وعون.
ثم أتوجَّه بالشكر لمنسوبي دار التأصيل مركز البحوث وتقنية المعلومات - لما بذلوه من جهد في إعادة ضبط وتحقيق وإخراج هذه الطبعة، فقد كان لمشاركتهم كفريق واحد أثرٌ كبير في إنجاز هذا العمل المبارك، فجزى اللَّه كل من أسهم وأعان على إنجاز أعمال دار التأصيل ومشروعاتها خير الجزاء.
1 / 15
أدعو الله تعالى أن ينفع بهذا العمل وغيره من أعمال دار التأصيل جميع المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها، وأن يجعل أعمالنا كلها خالصة لوجهه الكريم، وأن يعيننا على استكمال المسيرة التي بدأناها؛ حتى نُنهي مراحل خدمة السُّنَّة النبوية التي خططنا لها.
وباللَّه التوفيق، وعليه التوكل، ومنه الإعانة وله الحمد والشكر.
وصلى اللَّه وسلم وبارك على نبينا محمد وآله وصحبه ومن اتبعه أجمعين.
1 / 16
بسم الله الرحمن الرحيم
المقَدِّمَة العِلميَّة
الحمد للَّه وحده، والصلاة والسلام على نبينا محمَّد وآله وصحبه ومن اقتفى أثره واتَّبع هديه، وبعد:
فمنذ ثلاثين عامًا تم إنشاء دار التأصيل مركز البحوث وتقنية المعلومات بهدف ضبط التراث الإسلامي وتحقيقه وإخراجه ونشره، وذلك باستخدام الوسائل المعاصرة للبحث العلمي، والتي تتمثل في الحاسب الآلي وبرامجه وأدواته، وقواعد المعلومات والمنتجات المرتبطة به، وهو ما أطلقت عليه دار التأصيل (المعلوماتية التراثية).
وقد ترسخ لدينا في دار التأصيل - منذ وقت مبكر - أنَّ خدمة التراث الإسلامي تبدأ بخدمة أصوله المتمثلة في الأصول الجامعة المهمة من كتب السُّنَّة النبويَّة المسندة، والمصنفات المتعلقة بها، وذلك بالعمل على ضبطها وإخراجها بصورة علمية متميزة تحقق آمال العلماء وتطلعاتهم.
وقد عمِلَتْ دار التأصيل على تحقيق هذا الهدف من خلال عمل جماعي؛ قام به فريق عمل تراوح عدده بين السبعين والمائة من العلماء والباحثين في الحديث واللغة والفقه ومساعديهم، بالإضافة إلى المتخصصين في علوم الإدارة وتحليل النظم وقواعد البيانات وتطوير برامج الحاسب الآلي.
وقد قامت دار التأصيل على إنجاز ضبط وتحقيق وإخراج خمسة عشر مرجعًا من أهم مراجع أصول السنة النبوية المسندة مقابلة على أصول خطية، ولا يزال العمل جاريًا لاستكمال ضبط وتحقيق وإخراج غيرها من الأصول المهمة للسنة النبوية، سواء منها ما كان تحقيقا وضبطًا "مسند الإمام أحمد بن حنبل" الذي يجري العمل فيه، وما كان إعادة لضبط وتحقيق وإخراج لطبعة ثانية "سنن الترمذي" الذي أعيد ضبطه وتحقيقه
1 / 17
وإخراجه ونشره على عشرين نسخة خطية منها ست نسخ استئناسًا، وكـ "مصنف الإمام عبد الرزاق" الذي أُعيد ضبطه وتحقيقه وإخراجه ونشره على سبع نسخ خطية، وهذا بخلاف ما كان تصنيفًا وجمعًا واختصارًا "اختصار مسند الإمام أحمد وترتيبه"، و"الجمع بين المصنفين: مصنف عبد الرزاق، ومصنف ابن أبي شيبة".
هذا بالإضافة إلى العمل على ضبط وتحقيق سلسلة أصول كتب الرواة التي جاء في طليعتها كتاب "الضعفاء الكبير" للإمام العقيلي، والذي قامت دار التأصيل على ضبطه وتحقيقه وإخراجه ونشره على أصول خطية موثقة.
ويعد كتاب "المصنف" للإمام عبد الرزاق بن همام الصنعاني من أهم وأقدم أصول السُّنَّ والآثار المعتبرة عند العلماء، ويُعدُّ نموذجًا جليًّا لما مَنَّ به اللَّه ﷿ على أهل العلم، في مجال كتابة أخبار النبي ﷺ وجمع آثار الصحابة الذين كانوا أعلام الدين، فقاموا على حفظ وفقه هذه السنن والآثار حتى أورثوها مَنْ جاء بعدهم، فتحَمَّلها بعضهم عن بعض إلى أن وصلت إلينا نقية صافية، وللَّه الحمد.
ومن جملة عناية علماء السلف الصالح بذلك الشأن أنهم صنفوا فيه تصانيف عدة، وجاءت تصانيفهم على طرائق مختلفة:
فمنها: كتب التزم فيها أهلها الصحة.
ومنها: كتب تعرف بالسنن، وهي في اصطلاحهم الكتب المرتبة على الأبواب الفقهية، ويندر فيها أقوال الصحابة وفتاوى التابعين.
ومنها: كتب مرتبة على الأبواب الفقهية مشتملة على السنن وما تعلق بها، وقد يُسمى بعضها: مصنفًا، أو جامعًا.
ومن هذا النوع الأخير: "مصنف الإمام عبد الرزاق" الذي جمع فيه الأحاديث على طريقة المحدثين بالأسانيد، إضافة إلى الآثار التي تَنْقل فهم الصحابة والتابعين للقرآن والسنة وفتاويهم مرتبة ترتيبًا فقهيًّا على الكتب والأبواب.
1 / 18
والمتأمل في الجهود التي بُذلت من قَبْلُ في إخراج "المصنَّف" يجد أنها غير كافية لضبط نصه وتقريب مادَّته وتيسير فوائده، فبالرغم من مكانة الكتاب ومصنِّفِه؛ إلا أنه لم يحظ بالعناية اللازمة لإخراجه في طبعة يُلتزم فيها بقواعد الضبط والتحقيق المعتبرة عند أهل العلم، وسيأتي الكلام على هذا بشيء من التّفصيل عند ذِكرنا لطبعات الكتاب السابقة، ولماذا تطبع دار التأصيل هذا الكتاب ثم تعيد تحقيقه وضبطه.
ومن هنا قررت دار التأصيل مركز البحوث وتقنية المعلومات - القيام على خدمة هذا الأصل المبارك، من خلال إعادة توثيقه وضبطه على سبع نسخ خطية وتحقيقه وإخراجه ونشره في طبعة ثانية بما يليق بمكانته ومكانة مؤلِّفه، وفيما يلي مقدِّمة علمية لهذا السِّفْر العظيم:
1 / 19
الباب الأول التعريف بالإمام عبد الرزاق
اسمه وكنيته ونسبه:
هو عبد الرزاق بن همام بن نافع الحميري مولاهم اليماني الصنعاني، كنيته: أبو بكر (^١).
مولى حمير (^٢)، وقال ابن معين: "هو مولى لمولى قوم من العرب" (^٣). وسئل عبد الرزاق عن نسبه فقال: "كان جدنا نافع وأخت له مملوكَيْن لعبد اللَّه بن عباس، فاشتراهما ابن مغيث فاتخذ الجارية لنفسه وأعتق جدنا نافعًا، فنحن مواليه ولاء عتاقة" (^٤).
وغلبت عليه نسبة الصنعاني وهي نسبة إلى مدينة صنعاء، وهي من أشهر مدن اليمن، وزادوا النون في النسبة إليها على غير القياس (^٥).
وينقل ابن عساكر عن الإمام أحمد أنه قال: "عبد الرزاق يماني من الأبناء" (^٦)، قال الفراء: "الأبناء قوم آباؤهم من الفرس، وأمهاتهم من اليمن، سُمُّوا بالأبناء، لأن أمهاتهم من غير جنس آبائهم" (^٧).
_________
(^١) "تاريخ ابن معين" رواية الدوري (٣/ ١٠٧).
(^٢) "الكامل" لابن عدي (٦/ ٥٤٠).
(^٣) "تاريخ ابن معين" رواية الدوري (٣/ ٩٩).
(^٤) "الإكمال" لمغلطاي (٨/ ٢٦٨).
(^٥) ينظر: "الأنساب" للسمعاني (٨/ ٣٣٠، ٣٣١)، "معجم البلدان" لياقوت الحموي (٣/ ٤٢٥، ٤٢٦).
(^٦) "تاريخ دمشق" (٣٦/ ١٦٧).
(^٧) "الزاهر في معاني كلمات الناس" لأبي بكر الأنباري (٢/ ١٦٥). وينظر: "الثقات" لابن حبان (٧/ ٤٤٠)، "الأنساب" للسمعاني (١/ ١٠٠).
1 / 20