Padang Emas dan Lombong Permata
مروج الذهب ومعادن الجوهر
وسئل عن النوبة وأرضها، فقال: هم أصحاب إبل وبخت، وبقر وغنم، وملكهم يستعد الخيل العتاق، والأغلب من ركوب عوامهم البراذين، ورميهم بالنبل عن قسيئ عربية، وعنهم - أخذ الرمي أهل الحجاز واليمن وغيرهم من الغرب، وهم الذين يسميهم العرب رماة الحدق، ولهم النخل والكرم والذرة والموز والحنطة، وأرضهم كأنها جزء من أرض اليمن، وللنوبة أترج كأكبر ما يكون بأرض الإسلام، وملوكهم تزعم أنهم من حمير، وملكهم يستولى على مقرا ونوبة وعلوة، وراء علوة أمة عظيمة من السودان تدعى بكنة وهم عراة كالزنج، وأرضهم تنبت الذهب، وفي مملكة هذه الأمة يفترق النيل فيتشعب منه خليج عظيم، ثم يخضر الخليج بعد انفصاله من النيل، وينحدر الأكثر إلى بلاد النوبة، وهو النيل لا يتغير، فلذا كان في بعض الأزمنة انفصل الأكثر من الماء في ذلك الخليج، وابيض الأكثر، واخضر الأقل، فيشق ذلك الخليج في أوديا وخلجان وأعماق مأنوسة حتى يخرج إلى جلاسق والجنوب، وذلك على ساحل الزنج، ومصبه في بحرهم. ثم سئل عن الفيوم والمنهى وحجر اللاهون، فذكر كلاما طويلا فن أمر الفيوم، وأن جارية فن بنات الروم وابنها نزلوا الفيوم، وكانوا البدء في عمارتها وعمارة أرضها، وإنما كان الماء يأتي الفيوم من المنهي أيام جري النيل، ولم يكن حجر اللاهون بني، وإنما كان مصب الماء من المنهي من الموضع المعروف بدمونة، ثم بني اللاهون على ما هو اليوم عليه ويقال: إن يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم عليهم السلام، بناه أيام العزيز، ودبر من أمر الفيوم ما هو اليوم قائم بين من الخلج المرتفعة والمطاطية، وهو خليج فوق خليج فوق خليج، وبنى القنطرة المعروف بسفونة، وأقام العمود الذي في وسط الفيوم وهر غائص في الأرض لا يدركة منتهاه منها، وهو أحد عجائب الدنيا مربع الشكل قد جهد أناس من الأمم ممن ورد بعد يوسف أن ينتهوا إلى آخره في الأرض حفرا فلم يتأت لهم ذلك، ولا قدروا عليه وغلبهم الماء فعجزهم، ورأس هذا العمود مساو لأرض المنهي، قال: وأما حجر اللاهون فإن من سطح الحجر الذي في بين القبتين إلى ناحية اللاهون، واللاهون هي القرية بعينها، ففي ما بيم السطح إلى القرية ستون درجة وربما مل الماء في المنهي، وظهر بعض الدرج، وفي حائط الحجر فوارات بعضها اليوم يخرج منه الماء، وبعض لا يرى، وفيما بين سطح الحجر الذي بين القبتين وبين القرية شاذروان وهو من أسفل الدرج، وإنما يدخل الماء الفيوم بوزن الحجر، وجعله الاستقالة - وهي القناطر - ليخرج الماء منها، ولا يعلو الماء الحجر أب سده، فبالتقدير بني حجر اللاهون، وبقدر ما يكفي الفيوم من الماء يدخل إليها، وبناء حجر الهون من أعجب الأمور، ومن أحكم البنيان، ومن البناء الذي يبقى على وجه الأرض لا يتحرك ولا يزول، بالهندسة عمل بالفلسفة أتقن، وفي السعود نصب، وقد ذكر كثير من أهل بلدنا أن يوسف عليه السلام عمل ذلك بالوحي، والله أعلم.
ولم تزل ملوك الأرض - إذا غلبت على بلادنا، واحتوت على أرضنا، صارت إلى هذا الموضع فتأملته؟ لما قد نمي إليها من أخباره، وسار في خليقة من عجائب بنيانه وإتقانه.
وكان هذا الرجل من أقباط مصر، ممن يظهر دين النصرانية ورأي بعقوبية، فأمر السلطان أحمد بن طولون في بعض الأيام، وقد أحضر جلسه بعض أهل النظر، أن يسأله عن الدليل على صحة دين النصرانية، مآله عن ذلك، فقال: دليلي على صحتها وجودي إياها متناقضة متنافية، تدفعها العقول، وتنفرد منها النفوس، لتباينها وتضادها، لا نظر يقويها، أ جدل يصححها ولا برهان يعضدها من العقل والحس عند التأمل لها لفحص عنها، ورأيت مع ذلك أمما كثيرة، وملوكا عظيمة ذوي معرفة وحسن رأي، قد انقادوا إليها وتدينوا بها، فعلمت أنهم لم يقبلوها، ولم يتدينوا بها - مع ما ذكرت من تناقضها في العقل - إلا لدلائل شاهدوها، وآبات علموها، ومعجزات عرفوها، أوجبت انقيادهم إليها والتدين أيها،،قال له السائل: وما التضاد الذي فيها؟ قال: وهل يدرك أو يعلم غايته؟ لما قولهم بأن الواحد ثلاثة، والثلاثة واحد، ووصفهم الأقانيم والجوهر و والثالوث، وهل الأقانيم في أنفسها قادرة عالمة أم لا؟ وفي اتحاد ربهم القديم بالإنسان المحدث، وما جرى في ولادته وقتله وصلبه، وهل في التشنيع أكبر وأفحش من إله صلب، وبصق في وجهه، ووضع على رأسه الإكليل من الشوك، وضرب رأسه بالقضيب، وسمرت يداه، ونخس بالأسنة والخشب جنباه، وطلب الماء فسقي الخل في بطيخ الحنظل ؟ فأمسكوا عن مناظرته، وانقطعوا عن مجادلته؟ لما قد أعطاهم من تناقض مذهبه وفساده ووهيه .
ببن يهودي ونصراني فقال طبيب لابن طولون يهودي وقد حضر
Halaman 156