care ؛ مما أوقع الكثيرين في مشكلات البعد عن الدقة؛ لأنه يغيب عن ذهن المترجم في العادة أن هذه الكلمة (حريص) تتكون مثل كثير غيرها من عدة عناصر، بعضها ثابت وبعضها متغير؛ ولذلك فإن تحليل عناصرها، وهو ما يسمى في مباحث الدلالة
decomposition
أو
componential analysis
يقتضي إثبات الثوابت وترك مساحة أو فراغ تشغله المتغيرات التي لا يحددها إلا السياق.
وهكذا فنحن نقول إن الحرص يعني: الرغبة الشديدة + الحفاظ/الإبقاء على/إقامة + نفع/مصالح ... إلخ. ولن نجد في اللغة الإنجليزية كلمة تتضمن جميع هذه العناصر، ومن ثم فلا بد من استنباطها من السياق؛ أي إن على المترجم أن يحرص على جميع العناصر فلا يغفل منها شيئا، وفي الآية الكريمة:
لقد جاءكم رسول من أنفسكم ... حريص عليكم ، نجد أن العناصر المحذوفة من المتغيرات هي مكمن الصعوبة؛ لأنها تتضمن «التقدير» الذي قد يتضمن بدوره بعض التأويل، فإذا رجعنا إلى كتاب معتمد هو صفوة التفاسير للشيخ محمد علي الصابوني (الذي يلخص ستة كتب أساسية في تفسير القرآن الكريم) وجدناه يقول إن «حريص عليكم» تعني «حريص على هدايتكم»، وهو في هذا يختصر ما قاله آخرون مثل ابن كثير الذي يقول: ««حريص عيلكم» أي على هدايتكم ووصول النفع الدنيوي والأخروي إليكم.» ثم يروي بعض الأحداث لتأكيد ذلك عن ابن مسعود وابن عباس، فإذا رجعنا إلى معجم ألفاظ القرآن الكريم الذي وضعه مجمع اللغة العربية «الطبعة الثانية 1970م»، وجدناه يقول: «حرص على الشيء ... اشتدت رغبته فيه وعظم تمسكه به فهو حريص.» ثم يورد الآيات التي ورد فيها اللفظ فعلا واسما ومنها الآية الكريمة المذكورة. واختلاف التأويل يضع المترجم في حيرة؛ إذ كيف يقطع بأن العناصر المحذوفة (من المتغيرات) هي الصادقة؟ كيف نقطع يقينا بأن تحليل العناصر يؤدي إلى صيغة دون غيرها من الصيغ التالية: (1) «الرسول» يرغب رغبة شديدة + في هدايتكم. (2) «الرسول» يرغب رغبة شديدة + في هدايتكم + وما فيه نفعكم. (3) «الرسول» يرغب رغبة شديدة + في هدايتكم + وما فيه نفعكم في الدنيا والآخرة. (4) «الرسول» يرغب رغبة شديدة + في التمسك بكم. (5) «الرسول» يستمسك بكم.
أي إن المتغيرات هنا تخرج لنا عدة احتمالات لا نستطيع أن نطمئن إلى ابتعاد أحدها عن الصواب، ومن الصعوبات الأولى عند الترجمة كلمة «هداية» وكلمة «نفع»؛ فمترجمو معاني القرآن عادة يترجمون الأولى بكلمة
guidance ، ولا شك أنها تتضمن معنى الهداية المقصور على الإرشاد دون تحديد لنوع الغاية التي يرشد المرء إليها؛ فالهداية دائما ما تتضمن غاية شريفة
إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء (القصص: 56)، وإن كان المعجم الوسيط (مجمع اللغة العربية) لا يذكر ذلك؛ فهو يوازي بين يهدي و
Halaman tidak diketahui