إن كنت ساقية ببز ... ل الأدم أو بحقافها
فأسقي بني هد إذا ... شربوا خيار زقاقها
فالخيل تعلم كيف ... تلحقها غداة لحاقها
بأسنة رزق صبحنا ... القوم حد رقاقها
حتى ترى قصد القنا ... والبيض في أعناقها
قال أبو عمر الشيباني: لما طلق عبد الله بن العجلان هند أنكحت في بني عامر، وكانت بينهم وبين نهد مغاورات جمعت نهد لبني عامر جمعًا فأغاروا على طوائف منهم فيهم بنو العجلان وبنو الوحيد وينو الحريش وينو قشير ونذروا بهم فأقتتلوا قتالًا شديدًا، ثم إنهزم بنو عامر وغنمت نهد أموالهم وقتل في المعركة إبن لمعاوية إبن قشير بن كب وسبعة بنين له وقرط وجدعان إبنا سلمة بن قشير ومرداس إبن جدعة بن كعب وحسين بن عمرو بن معاوية ومسحقة بن المجمع الجعفي، فقال عد الله بن العجلان في ذلك:
ألا أبلغ بني العجلان عني ... فلا ينبيك بالحدثان غيري
بأنا قد قتلنا قرطًا ... وجرنا في سراة قشير
وأفلتنا بنو رجالًا ... حاة يربؤن على سمير
وقالت امرأة من بني قيس ترثي قتلاهم:
أصبتم يا بني زيد ... قرومًا عند قعقعة السلاح
إذا إشتد الزمان وكان محلًا ... وحادر فيه إخوان السماح
أهانوا المال في اللزيات صبرًا ... وجادوا بالمتالي واللقاح
فبكى مالكًا وأبكى بجيرًا ... وشدادًا مستجر الرماح
وكعبًا فأندبيه معًا وقرطًا ... أولئك معشري هدّوا جناحي
وبكى إن بكيت على حسيل ... ومدراس قتيل بني صباح
قال: وأسر عبد الله بن العجلان جلًا من بني الوحيد منّ عليه وأطلقه ووعده الوحيدي من الثواب فلم يفِ فقال عبد الله:
وقالوا لن تنال الدهر فقرًا ... إذا شكرتك نعمتك الوحيد
فيا ندمًا ندمت على رزام ... ومخلفه كما خلع العتود
قال أبو عمر: ثم أن بني عامر جمعوا لبني نهد قالت هند امرأة عبد الله بن العجلان التي كانت ناكحًا فيهم لغلام منهم يتيم فقير من بني عامر: لك خمس عشرة ناقة على أن تأتي قومي فتنذرهم قبل أن يأتيهم بنو عامر، فقال أفعل، فحملته على ناقة لزوجها ناجية وزودته مرًا ووطبًا من لبن فركب فجد في السير وفنى اللبن فأتاهم والحي خلوف في غزو وميرة فنزل هم وقد يبس لسانه، فلما كلموه لم يقدر على أن يجيبهم وأومأ لهم إلى لسانه فأمر خراش بن عبد الله بلبن وسمن فأسخن وسقاه إياه فأبتل لسانه وقال لهم: أتيتكم أنا رسول هند إليكم تنذركم، فأجتمعت بنو نهد وأستعدت ووافتهم بنو عامر فلحقوهم على الخيل فأقتتلوا قتالًا شديدًا فأنهزمت بنو عامر. فقال عبد الله بن العجلان في ذلك:
أعاود عيني نصبها وغرورها ... أهم عناهم أم قذاها يعورها
أم الدأر أمست قد تعفت كأنها ... زيور يمان رقشته سطورها
ذكرت بها هند وأترابها الأولى ... بها يكذب الواشي ويعصي أميرها
فما معول تبكي لفقد أليفها ... إذا ذكرته لا يكف زفيرها
بأغزر مني عبرة إذ رأيتها ... بحث بها قبل الصباح بعيرها
ألم يأت هندًا كيفما صنع قومها ... بني عامر إذ جاء يسعى نذيرها
فقالوا لنا إنا نحب لقاءكم ... وإنا نحيي أرضكم ونزورها
فقلنا إذًا لا ننكل الدهر عنكم ... بضم القنا اللائي الدماء تميرها
فلا غزوان اخيل تنحط في القنا ... نمطر من تحت العوالي ذكورها
تأوه مما مسها من كريهه ... وتصفي الخدود والرماح تصورها
وأربابها صرعى ببرقة أخرت ... بجررهم ضبعانها ونسورها
فأبلغ أبا الحجاج عني رسالة ... مغلغلة لا يفلتنك بورها
فأنت منعت السلم يوم لقيتنا ... بكفيك تسدي غية وتثيرها
فذوقوا على ما كان من فرط إحنة ... خلائبنا إذ غاب عنا نصيرها
قال أبو عمرو:
1 / 49