انحنى جيمي وطبع قبلة على جبهة سيد النحل. «هذه بالنيابة عن الكشافة الصغير، الذي بعث لك بفيض من المحبة.»
ثم قبله مرة أخرى، وأضاف بعفوية: «وهذه من جيمي. إنه يعرب لك عن المقدار نفسه من الحب.»
ظل سيد النحل قابضا على يدي جيمي بشدة طوال دقيقة، ثم قال فيما يشبه الهمس: «أشكر الله أنك قد تعلمت استيعاب وعده. إنني ممتن أنك تعلمت أن تقبل عطاياه، كذلك أعتقد أنك قد تعلمت ما يكفي من الحياة وما يكفي من الحب في منزلي وفي حديقتي لتصبح مستعدا لقبول أي هدية تنبع من الحب والثقة.»
خرج جيمي وهو يتساءل ما المقصود بذلك. وفي اليوم التالي عرف. إذ جاءه الاتصال مبكرا من المستشفى. لقد وجد سيد النحل سبيله لذلك العبور الجميل الذي وصفه الكشافة الصغير باستيعاب بالغ. بيديه مطويتين على صدره، أثناء نومه، أجاب النداء الذي جاءه في رفق شديد حتى إن الممرضة وجدته على الحال نفسه الذي تركته فيه. كان قد أوصى بأن تنقل رفاته على الفور إلى عنوان تركه في الشرق. فقد أراد أن يرقد في نومته الأخيرة بجوار الماريتين؛ ماري التي أحبها وتزوجها، وماري التي منحها حبهما الحياة. وحيث إن ثلاثتهم قد ماتوا الآن، فقد دعا جيمي في الصلاة التالية التي نطق بها أن تجدهم تلك الساعة متماسكي الأيدي هائمين وسط مواقع أروع جمالا من التي ضمتها الحديقة الصغيرة قط، بل وسط مباهج وديان الجنة.
أثناء إبلاغه بالخبر، طلب منه الدكتور جرايسون أن يأتي إلى المستشفى من أجل عقد لقاء، وعند وصول جيمي إلى المستشفى بعد ساعة أصابه الذهول لما وضع بين يديه آخر وصية لسيد النحل، جاهزة للتنفيذ. وقد جاء فيها، أنه بدافع الحب والمودة، توهب الأملاك الموصوفة في هذه الوصية ويوصى بها، للساكن والراعي الحالي، جيمس لويس ماكفارلين، ومساعده الأول، جين ميريديث. تقسم الأملاك المذكورة بالتساوي بين المستفيدين، على أن يكون الفدان الواقع على اليمين في مواجهة الشارع بما عليه من قفائر نحل من نصيب جين ميريديث. ويكون الفدان الواقع على اليسار في مواجهة الشارع من نصيب جيمس لويس ماكفارلين بكل ما عليه من ملحقات. تبع ذلك بند آخر يقضي بأن على الوريثين الاقتراع على حيازة المسكن، على أن يصبح من يفوز في القرعة هو مالك المنزل، وتسدد نفقات النقل من أموال الإرث الموجودة في البنوك، وهي التي ستوهب أيضا، النصف بالنصف، للمستفيدين من الوصية. ومن هذه الأموال نفسها يسحب مبلغ كاف لبناء نسخة مطابقة للمنزل، أو بناء منزل بنفس عدد الحجرات، والمظهر العام، والمرافق على أرض الخاسر. أما الجزء المتبقي من الأموال التي في البنك، بعد إجراء هذه العمليات، فيقسم بالتساوي بين الطرفين المستفيدين من الوصية.
بعد شرح هذه الوثيقة العجيبة شرحا دقيقا لجيمي، جلس وهو ينظر نحو الدكتور جرايسون وقد بدا عليه الحزن. ولم يخجل البتة من الدموع الغزيرة التي جرت على وجنتيه.
ثم قال محتجا: «لكنني لا أستطيع. فأنا لا أستحق ذلك المكان. لا بد أن هناك شخصا أقرب مني لسيد النحل.»
فقال له الدكتور جرايسون: «حسنا، إن كان هناك فلا تقلق. فسوف يصلك منهم خبر. إذا كان هناك على قيد الحياة أناس يشعرون أنهم أحق منك بتلك الأملاك، فسوف يظهرون. في الوقت نفسه، سنذهب وراء الاعتقاد بأن سيد النحل كان واثقا من رغبته وعالما بشئونه وأنه، بمنحك هذا المكان، أراده أن يصبح في يد الرجل الذي سيقدره، ويحبه، ويحافظ عليه كما تركه سيد النحل، مهما كانت الظروف.»
ظل جيمي جالسا يحملق، ويمعن التفكير، وعندئذ أدرك ماذا كان سيد النحل يعني حين قال في الليلة السابقة إنه يجب أن يتعلم أن يقبل أي هدية نابعة من الحب كما يقبل عطايا مالك السموات. كان سيد النحل يشعر أن ساعته قد حانت، وأن أجله قد اقترب، وكان يرمي بطريقة ما إلى إعداد جيمي لواقع أن البيت الصغير والنحل والحديقة المتألقة ستصبح، جزئيا على الأقل، هدية محبة له. وعلى نحو مفاجئ اعتدل جيمي في جلسته وكرر الاسم ببطء. «جين ميريديث.»
عندئذ أدرك أنه لا يزال على جهله. لم تزد معرفته شيئا عن ذي قبل. فإن جين قد يكون صبيا وقد يكون فتاة. وهنا نظر إلى الدكتور جرايسون.
Halaman tidak diketahui