Pengenalan kepada Kajian Balaghah Arab
مقدمة لدراسة بلاغة العرب
Genre-genre
وبعد، فإما أن يكون النقد عبارة عن قضايا الغرض منها إرشاد الكتاب والشعراء إلى الطريقة المثلى في الأساليب وصناعة الكلام، وهذا هو النقد البياني - نسبة إلى علوم البيان التي هي علوم البلاغة - ويدخل تحت هذا القسم البحث في الألفاظ والأساليب، وما بها من: الاستعارة، والتشبيه، والمجاز، والمحسنات البديعية. وهذا النوع من النقد أكثر ما يكون شيوعا في النقد الأدبي عند العرب.
وإما أن يكون النقد عبارة عن البحث عما في الكتابة والشعر من الأفكار والآراء، واختيار الموضوعات واستيعابها ودقة الملاحظة في المعاني الصحيحة الاجتماعية، والغرض الذي يعود على القراء من ذلك، ثم «تحليل» النفوس الذي ذكرت أثناء الكلام - كما في القصص التي يقصد منها تصوير الطبائع ورسم النفوس الإنسانية - ثم ترتيب الكلام، ومعرفة طريقة الكاتب في الفهم والإدراك والتصور، ومقدار ما عنده من الحذق في الصناعة، وعلى الجملة كل ما له صلة بنفسه وكتاباته. وهذا هو النقد «التحليلي» وهو الذي يكشف أسرار العقول، ويوضح المؤلفات وما بها، ويظهر قيمتها الفنية ويبين منزلتها من العلوم والفنون، وأكثر ما يكون هذا النقد في الآداب الاجتماعية والفلسفية المملوءة بالآراء والأفكار وأشكال الناس وصور الحياة، وهو أقل ما يكون ظهورا في الوصف والوجدانيات. وبدون هذا النقد لا يفهم العقل السليم من العقل السقيم، ولا الكلام الصحيح من الخطأ؛ فالنقد «التحليلي» يعتبر البلاغات نتيجة من نتائج العقول والقرائح، ويبحث عن الصلة بين الكتاب والشعراء وبين حركاتهم العقلية، والمؤثرات التي دعت إلى ذلك، وذلك لا يظهر كثيرا في الشعر الوجداني المبني على الخيال الصرف.
2
أما أكبر مظاهر النقد الأدبي عند العرب فهي علوم البلاغة. ولا يكاد يوجد كتاب في النقد إلا وكان اهتمامه بشرح ما في الكلام من أنواع البيان والبديع أشد اهتمام، ولم يفرق الأدباء بين علوم البلاغة وبين النقد، فإن كتاب قدامة بن جعفر «نقد الشعر» كتاب في علوم البلاغة لا غير. على أنه معدود من كتب النقد الأدبي. وكتاب ابن رشيق «العمدة في نقد الشعر وصناعته» يدل على أن النقد كان لفظا مبهما غامضا لم يحدد معناه بعد، أو أنه لفظ عام كلفظ الأدب نفسه؛ فقد احتوى هذا الكتاب على كثير من الموضوعات المختلفة من أدب، وسير، وعلوم البلاغة، واشتمل على ذكر أيام العرب، وفيه قسم كبير في علم البيان والبديع. على أن هذا الكتاب من الكتب المعتبرة في النقد، وهو على رأي ابن خلدون «أوعى وأجمع كتاب في النقد لم يساوه قبله ولا بعده كتاب آخر.» مع أننا نرى أن كل ما فيه من النقد هو كلام عام، لا يضبط طريقة ولا يؤيد مذهبا (من هذا ما رواه ابن رشيق في أغراض الشعر وصنوفه. راجع صفحة 92، جزء2). نرى من هذا أن أدباء العرب مزجوا النقد بعلوم البلاغة، بل لم يعرفوا من النقد غير علوم البلاغة.
3
مع هذا فقد وجد من بين النقاد من كانت آراؤه صحيحة نافعة، وحام حول هذه الطرق الجديدة. ولو أن هذا النوع من النقد سار تدريجيا لوصل إلى ما وصل إليه النقد البياني من المكانة والتأثير في الأدب، فقد ابتدأ هؤلاء النقاد أن يعرفوا النقد الصحيح، وأن تكون لهم آراء خاصة، وذهبوا إلى نوع من النقد «التحليلي». ولولا أنهم كانوا لا يميلون في جملة آرائهم إلى تقليد القديم وإلى التقيد بعلوم البيان، لخطا النقد خطوة واسعة ولرقت الآداب رقيا.
هذا النوع من النقد يظهر في بعض الكتب الخاصة ببعض الشعراء، والموازنة بين بعضهم بعضا. ومن أشهر هؤلاء النقاد القاضي عبد العزيز الجرجاني (المتوفى سنة 392ه)، فقد جاء في كتابه «الوساطة بين المتنبي وخصومه» (طبع في صيدا بالشام سنة 1331) ما دل على براعته في الأدب العربي، وبشرنا بشيء جديد في النقد. وهو من أحسن وأمتع كتب النقد في بلاغة العرب؛ لما فيه من المنافع الجمة المبنية على ذكاء المؤلف نفسه، واستعداده الخاص في النقد، ودرجة فهم الكلام «وتحليله». وقد احتوى هذا الكتاب على كل ما يصح أن يخطر ببال أديب في ذلك العصر، وما يمكن أن يفيد القارئ فائدة إجمالية صحيحة عن بلاغة العرب وصناعة الشعر، ومعرفة الآراء الشهيرة فيه؛ ومثل كتاب الوساطة في موضوعه وأسلوبه النقدي كتاب «إعجاز القرآن» للقاضي الباقلاني (المتوفى سنة 413)، وهو أيضا من أفضل كتب النقد ومن أوضح الأدلة على أن النقد «التحليلي» أخذ يتسرب إلى عقول الأدباء، فقد حلل الباقلاني كثيرا من آيات القرآن الكريم تحليلا بديعا لا يكاد يوجد في غيره، ولم يعتمد في ذلك على قواعد البلاغة فقط، بل قصد إلى تحليل المعاني نفسها، وهو من أصح الكتب التي يمكن أن تتخذ نموذجا للنقد التحليلي، ولولا أنه خاص بالقرآن لكان نافعا في نشر هذه الطريقة التحليلية. على أن الباقلاني لم يخل من الغموض في كلامه واتباع الألفاظ العامة.
ولم يظهر هذا النوع من النقد في بلاغة العرب ظهور النقد البياني لقلة أتباعه، ولأن نفوس الأدباء كانت تميل إلى فهم الأساليب وشرح الألفاظ أكثر منها إلى غيره، ووجدت غير هذه الكتب كتب أخرى كثيرة، أكثرها لا يخرج عما ذكر من الطرق المعروفة، وجملة القول: أن النقد الأدبي لم ينضج عند العرب ولم يتميز من علوم البلاغة.
القدماء والمحدثون عند العرب
لا نريد هنا أن نتبع تقسيم الأدباء لشعراء العرب إلى جاهلي ومخضرم وإسلامي ومحدث، وإنما نريد أن ندرس تحت هذا العنوان ما أدرك الشعر العربي من الأطوار والانتقال من حال إلى حال؛ لنعرف إن كان هناك خلاف ظاهر أو مذاهب بلاغية أو كتابية في الشعر العربي أثناء مروره بالعصور المختلفة.
Halaman tidak diketahui