Pengenalan kepada Kajian Balaghah Arab
مقدمة لدراسة بلاغة العرب
Genre-genre
Anatol France : «من آراء مونتني
Montaigne
الممتعة أنه لا يمكننا أن نقف على معلومات صحيحة ثابتة؛ إذ ليس في الوجود ما لا يقبل التغيير لا في المشاهدات ولا في المعقولات، وأن العقول وما يتصل بها في حركة دائمة. ثم قال: ونحن متغيرون؛ فلا بد أن يكون إدراكنا للعالم متغيرا أيضا، ولقد يكفي في تغيير الأشياء المحكوم بقبولها أن تمر بأفكارنا، التي من شأنها ألا تثبت على حال واحدة ونحكم عليها على حسب المؤثرات الوقتية، ليدركها التغيير ونحكم عليها حكما جديدا غير الأول. فكيف يمكن أن يثبت النقد ويلزم طريقة واحدة لا تتغير؟! تمر المؤلفات بعقولنا مرورا تتغير في أثنائه ذاكرتنا. فإذا مرت بها مرة أخرى تصورناها تصورا آخر، وحكمنا عليها حكما جديدا. وكل إنسان له أن يجرب ذلك بنفسه ... لقد مرت بي أزمان وأنا معجب كل الإعجاب بفكتور هيجو، وها أنا ذا الآن أشعر بأن روحه غريب عن روحي، ولا أكاد أعيد قراءة الكتب التي كانت تملأ نفسي إعجابا وتبكيني أحيانا منذ خمسة عشر عاما، إلا وجدتني غيري بالأمس. ومهما أردت أن أخلص في فهمي لها والحكم عليها فإني أجدني مخالفا لآرائي السابقة، ولقد أتردد أحيانا في أن أصرح برأيي. قد يذكر الإنسان ما كان يتذوقه في الأيام الخالية، وما أمره أساتذته بالميل إليه؛ لأن هذا الميل والشعور هما اللذان يكونان أحكام النقد في الأدب.
لدى بعض العقول شيء كثير من القوة والثبات تتمكن بهما من بناء الأحكام على أصول ثابتة، هذه العقول بطبيعتها أو بما لها من الإرادة ذات ذاكرة قليلة التغيير والانتقال، أو بعبارة أخرى هي عقول قليلة الابتكار؛ لأن المؤلفات على اختلافها تمر بها فتحدث فيها دائما أثرا واحدا. ولكن هذا نوع من الميول الشخصية الثابتة، ولا يمكن أن تتحكم هذه الطرق في جميع العقول.
يحكم الإنسان بالحسن على ما يحب، وبعض الناس لا يعرف إلا طريقا واحدا في الحكم؛ لأنه يحب شيئا خاصا ويظن أنه محبوب لجميع الناس، وبعضهم ليس لديه من الإرادة ما يجعله يلزم طريقا واحدا في الحكم والإدراك. ومهما يكن من شيء فالنقد الصحيح في جميع أشكاله ليس إلا عبارة عن وصف التأثير النفسي، الذي يحدث من القراءة في نفس القارئ، وأن كل عمل فني هو نتيجة ما يتأثر به المؤلف من حوادث الحياة في بعض الأوقات. ومن حيث إن الأمر كذلك، فلنحب الكتب التي تعجبنا، بدون أن نعنى بمنزلتها أو بمذاهب النقاد، عالمين أن ما نجده من الأثر أثناء قراءة هذه الكتب اليوم، لا يلزم أن نحصل عليه من قراءتها في الغد. وماذا علي إذا قرأت كتابا ممتعا عظيما خالد الذكر، فلم يحرك من نفسي ولم يترك فيها أثرا ما؟ ثم ماذا يكون إذا أعجبني كتاب تافه ونال مني؟ هل أظن أني مخطئ فأعود باللوم على نفسي؟ إن عظماء الرجال لا يتسنى لهم أن يكونوا دائما واثقين بأنفسهم ولا بما يقولون، فقد يغلب عليهم في كثير من الأوقات الجهل والسذاجة والأشياء التي يسخر منها الناس، وكثيرا ما يحكمون أحكاما غير عادلة مبنية على سهولة الإدراك لديهم، فهم لا يعرفون كل ما يعملون، ولا يعملون كل ما يعلمون عن قصد وروية ...»
2
هذا شيء من مذهب «جول لمتر» نأخذ منه أن النقد عنده لا يبنى على قاعدة ولا يقيد بمذهب من المذاهب؛ إذ لا يصح أن يفهم الإنسان ما يقرأ بعقل غيره، كما أنه لا يمكن أن يرى بعيني غيره، ولا أن يفكر بفكر غيره. كل هذا مبني على أن الغرض من قراءة كتب البلاغة لذة النفس وسرورها، لا التعلم والاستفادة، كما أن الغرض من سماع الموسيقى لذة السمع، والغرض من التصوير تمتع النظر. وعلى ذلك تكون البلاغة وجميع الفنون نوعا من السرور لا غير. والنقد ليس عبارة عن حكم القارئ على ما يقرأ، وإنما هو فهمه لما يقرأ، وشعوره بما في ذلك (Contem. T. 3. P. 340) .
ولكن هذا المذهب ليس له طريقة خاصة تتعلم، بل هو مذهب شائع بين كل القراء، فكل إنسان يمكنه أن يشعر ويتأثر بما يقرأ؛ فكيف يمكن قدر الكتاب والشعراء؟ وبأي شيء يصل الإنسان إلى تفضيل كاتب على غيره إذا استسلمنا لأذواق الأفراد؟ مهما أنكر مذهب التأثير والانفعال القواعد والقوانين العامة للنقد الأدبي، فلا يمكن إنكار أن هناك جهة عامة تتفق فيها جميع الأذواق، هذه الجهة في رأينا هي ما يوجد في الفنون من المعاني الإنسانية العامة؛ لأن كل فن من الفنون يقصد إلى تمثيل شيء من حياة الإنسان العقلية أو المادية، وهذا يوجد في كل نفس ويشعر به كل إنسان؛ لأنه تمثيل الطبيعة التي هي الجهة العامة في كل عمل فني ذي قيمة حقيقية، وذلك ما يرى في الفنون العظيمة لكبار الرجال ويخلد ذكرهم.
يقول جول لمتر: يتغير النقد تغييرا لا نهاية له، على حسب الموضوع الذي يقرأ، وعلى حسب العقول التي تبحث، وعلى حسب المباحث التي تقصد؛ إذ يمكن أن يكون غرض الناقد البحث عن الكاتب نفسه أو عن الأفكار ذاتها، ويمكن أن يكون غرض الناقد الحكم على ما يقرأ، ويمكن أن يقصد إلى بيان وتعريف وتوضيح ذلك بدون أن يبدي رأيا له. قال: «وقد ابتدأ النقد بطريقة مذهبية، وانتقل إلى آراء تاريخية وعلمية. والظاهر أن أطواره لم تنته بعد. وقد ظهر نقص الطريقة العلمية، فالنقد آخذ طريقا آخر، وهو التمتع بالقراءة لترقيق الشعور وإنمائه بما يطلع عليه الإنسان» (Contemporains. T. 3. P. 342) .
ويميل «جول لمتر» إلى الصراحة في الفكر ووضوح الكتابة، وحسن ذوق الكاتب، بأن يكون من طبعه جذب قلوب القارئين إليه، ويحب أن تمزج البلاغة اللفظية في الأسلوب بمتانة الموضوع ودقة الأفكار النافعة.
Halaman tidak diketahui