76

Muqabasat

المقابسات

Penyiasat

حسن السندوبي

Penerbit

دار سعاد الصباح

Nombor Edisi

الثانية

Tahun Penerbitan

١٩٩٢ م

Genre-genre

Sastera
Retorik
المقابسة الخامسة والثلاثون
في عجيب شأن أهل الجنة
وكيف لا يملون النعيم والأكل الخ
سمعت أبا إسحق النصيبي المتكلم وكان من غلمان جعل يقول: ما أعجب أمر أهل الجنة؟ قيل: وكيف؟ قال: لأنهم يبقون أبدًا هناك لا عمل لهم إلا الأكل والشرب والنكاح؟! أما تضيق صدورهم؟! أما يكلون؟! أما يربؤن بأنفسهم عن هذه الحال الخسيسة التي هي مشاكلة لحال البهيمة؟! أما يربؤن بأنفسهم عن هذه الحال الخسيسة التي هي مشاكلة لحال البهيمة؟! أما يأنفون؟! أما يضجرون؟! وأخذ في هذا وشبهه يبوح مستعظمًا؟! وكان يقول بتكافؤ الأدلة، ويجيب عن أكثر الناس ويفاتح فيه ابن الخليل ويناقله عليه، ولعمري إن من طلب طمأنينة النفس، ويقين القلب، ونعمة البال، بطريقة أصحاب الجدل وأهل البلاء، حل به هذا البلاء، وأحاط به هذا الشقاء. والكلام كله جدل ودفاع، وحيلة وإيهام، وتشبيه وتمويه، وترقيق وتزويق، ومخاتلة وتورية، وقشر بلا لب، وأرض بلا ريع، وطريق بلا منار، وإسناد بلا متن، وورق بلا ثمر، والمبتدئ فيه سفيه، والمتوسط شاك، والحاذق فيهم متهم؛ وفي الجملة آفته عظيمة، وفائدته قليلة. نعم، فا عدت على أبي سليمان قوله بنصه، وحكيت له شمائله فيه، فقال في الجواب: إنما غلب عليه هذا التعجب من جهة الحس لا من جهة شيء آخر، وهكذا كل ما فرض بالحس أو لحظ بالحس. لأنه قد صح أن شان الحس أن يورث الملال والكلال، ويحمل على الضجر والانقطاع، وعلى السآمة

1 / 194