كل إنسان نحويًا في الأصل. والخطأ في النحو يسمى لحنا، والخطأ في المنطق يسمى إحالة. والنحو تحقيق المعنى باللفظ، والمنطق تحقيق المعنى بالعقل. وقد يزول اللفظ إلى اللفظ، والمعنى بحاله لا يزول ولا يحول؛ فأما المعنى فإنه متى زال إلى معنى آخر تغير المعقول ورجع إلى غير ما عهد في الأول. والنحو يدخل المنطق، ولكن مرتبًا له. والمنطق يدخل النحو، ولكن محققًا له. وقد يفهم بعض الأغراض وإن عرى لفظه من النحو، ولا يفهم شيء منها إذا عرى من العقل. فالعقل أشد انتظامًا للمنطق، والنحو، ولا يفهم شيء منها إذا عرى من العقل. فالعقل أشد انتظامًا للمنطق، والنحو أشد التحامًا بالطبع. والنحو شكل سمعي، والمنطق شكل عقلي. وشهادة النحو طباعية، وشهادة المنطق عقلية. وما يستعار للنحو من المنطق حتى يتقوم، أكثر مما يستعار من النحو للمنطق حتى يصح ويستحكم. فالمنطق وزن لعيار العقل، والنحو كيل بصاع اللفظ؛ ولهذا قيل في النحو الشذوذ والنادر، ورديء المنطق ما جرى مجراهما.
فهذا ما استدف من قوله، وهو باب مفتوح يمكن أن يقال فيه من هذا الجنس ما يكون شاهدًا لما قال والسلام.
المقابسة الثالثة والعشرون
في ظرف الزمان وظرف المكان
قلت لأبي سليمان: كنا أمس في مجلس أبي علي القومسي فجرى كلام في الظرف فقال له الأندلسي: أيها الشيخ، لم صار الظرف المخصوص بالزمان أطثر من الظرف المخصوص بالمكان
1 / 172