Muqabasat
المقابسات
Penyiasat
حسن السندوبي
Penerbit
دار سعاد الصباح
Nombor Edisi
الثانية
Tahun Penerbitan
١٩٩٢ م
الرأيين من هذين الصنفين القول الحق الذي لا يكون بعده تلبيس ولا تأويل، وذلك أنه ينبغي أن يعلم أن الشخص المخصوص بهذه القوة على الدرجة بها، رفيع المكان معها، ما دام يخبر بها وعنها ولا يمزجها بغيرها، فإنه حينئذ ينبئ عن أعيان الأمور وقلوب الأحوال وعواقب الأيام. فأما إذا عاد إلينا مفارقًا للاقتباس، داخلًا في عادة ذوي الإحساس، فهو كواحد من ضربائه ولداته، إن أصاب فبفطنته، وإن أخطأ فبفطرته. لأنه في مسلك غيره من البشر، ومسلوب من الطين الأول، ذو طبائع أربع متعادية، وعناصر متشابكة، لا فرق بينه وبين غيره البتة ما دام الحال على ما وصفنا وحددنا، وإنما إذا انبعثت القوة بسلطانها، وانبجست النفس ببرهانها، فإن هذا الشخص يأتي بكل ما يهدي العقول، ويصلح الأحوال، ويقنع النفوس، وينظم المصالح، ويقوم الأخلاق، ويهذب الطبائع، ويكون نورًا للعالمين ورحمة للخلق أجمعين.
ثم خرج من سياجه هذا للفرق بين الشريعة والفلسفة. وحضر الجماعة المساء ولم يستوف ذلك على حقه. ولعلي أعود على هذه المقابسة فآتي بما يكون محيطًا بأكثر قوله في موضع آخر عن غير قصد يغلب حدًا، بالكلام الذي يعقد أوله بآخره، وساء تأليفه من جميع حواشيه، وبان التقصير في نشره وروايته. على أنك أدام الله حياتك لو علمت على أي حال نقل هذا القدر، وفي أي وقت قلب، ومع أي شغل، لا ستكثرت قليله، وحمدت الموافق له. وما أكثر ما أخذت نفسي بتحويل ذلك كله إلى نمط آخر بطراز آنق من هذا الطراز، واحتراز أشد من هذا الاحتراز، إذا أذن الله بزوال ما هم النفس والبال، وانحسار ما دهم الصغار والكبار، بمنه الشائع وفضله المشهور.
1 / 230