Al-Muntaqa Sarh Muwatta

Abu al-Walid al-Baji d. 474 AH
58

Al-Muntaqa Sarh Muwatta

المنتقى شرح موطأ

Penerbit

مطبعة السعادة

Nombor Edisi

الأولى

Tahun Penerbitan

١٣٣٢ هـ

Lokasi Penerbit

بجوار محافظة مصر

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ــ [المنتقى] (فَصْلٌ): وَيَجِبُ أَنْ يُرَاعَى فِي ذَلِكَ فَصْلَانِ: أَحَدُهُمَا: قِلَّةُ النَّجَاسَةِ. وَالثَّانِي: تَخْفِيفُ حُكْمِهَا. فَأَمَّا قِلَّتُهَا فَفِي الْعُتْبِيَّةِ مِنْ رِوَايَةِ عِيسَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي إنَاءٍ وَقَعَتْ فِيهِ قَطْرَةٌ مِنْ بَوْلٍ أَوْ دَمٍ إنْ كَانَ مِثْلَ الْجِرَارِ لَمْ تُفْسِدْهُ وَإِنْ كَانَ مِثْلَ إنَاءِ الْوُضُوءِ أَفْسَدَتْهُ وَرَوَى أَبُو زَيْدٍ فِي ثَمَانِيَتِهِ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ ذَلِكَ لَا يُفْسِدُ مَاءَ بِئْرِ الدَّارِ. وَأَمَّا تَخْفِيفُ حُكْمِهَا فَرَوَى عِيسَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْعُتْبِيَّةِ أَنَّ إنَاءَ الْوُضُوءِ يُفْسِدُهُ رَوْثُ الدَّابَّةِ وَإِنْ وَجَدَهُ طَافِيًا فِي الْحُبِّ لَمْ يُفْسِدْهُ وَلَا تَأْثِيرَ لَهُ وَمَعْنَى ذَلِكَ لِاخْتِلَافِ النَّاسِ فِي نَجَاسَتِهِ وَرَوَى عَنْ مَالِكٍ فِي الْحُبِّ تَجِدُ فِيهِ الرَّوْثَ طَافِيًا رَطْبًا أَوْ يَابِسًا لَا خَيْرَ فِيهِ وَلَعَلَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى قَوْلِهِ بِنَجَاسَةِ أَرْوَاثِهَا وَقَدْ اخْتَلَفَ قَوْلُهُ فِي غَسْلِ الْخُفِّ مِنْهَا فَقَالَ مَرَّةً يُغْسَلُ وَقَالَ مَرَّةً لَا يُغْسَلُ وَعَلَّلَ ذَلِكَ بِعِلَّتَيْنِ إحْدَاهُمَا أَنَّهُ لَا يُمْكِنُ التَّحَرُّزُ مِنْهَا وَالثَّانِيَةُ لِلِاخْتِلَافِ فِي نَجَاسَتِهَا. ١ - (فَصْلٌ): ثُمَّ نَعُودُ إلَى أَصْلِ التَّقْسِيمِ وَقَدْ قَضَيْنَا الْكَلَامَ فِي الْمَاءِ الْمُطْلَقِ وَأَمَّا الْمَاءُ الْمُضَافُ فَهُوَ الَّذِي تَغَيَّرَ بِمُخَالَطَةِ مَا لَيْسَ بِقَرَارٍ لَهُ وَيَنْفَكُّ عَنْهُ الْمَاءُ غَالِبًا وَتَغَيُّرُهُ يَكُونُ فِي الْمَشْهُورِ مِنْ مَذْهَبِ مَالِكٍ مِنْ ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ لَوْنُهُ أَوْ طَعْمُهُ أَوْ رِيحُهُ. وَقَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ لَا اعْتِبَارَ فِي تَغَيُّرِ الرَّائِحَةِ وَإِنَّمَا الِاعْتِبَارُ بِتَغَيُّرِ الطَّعْمِ وَاللَّوْنِ. (مَسْأَلَةٌ): إذَا ثَبَتَ ذَلِكَ فَالْمُضَافُ مَا تَغَيَّرَ بِمُخَالَطَةِ مَا لَيْسَ بِقَرَارٍ لَهُ وَيَنْفَكُّ عَنْهُ الْمَاءُ غَالِبًا فَمَا تَغَيَّرَ بِنَجَاسَةٍ خَالَطَتْهُ فَلَا خِلَافَ فِي نَجَاسَتِهِ وَمَا تَغَيَّرَ بِطَاهِرٍ كَالزَّعْفَرَانِ وَغَيْرِهِ فَإِنَّهُ طَاهِرٌ غَيْرُ مُطَهِّرٍ وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ هُوَ طَاهِرٌ مُطَهِّرٌ وَالدَّلِيلُ عَلَى مَا نَقُولُهُ قَوْله تَعَالَى ﴿فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا﴾ [المائدة: ٦] فَشَرَطَ عَدَمَ الْمَاءِ الْمُطْلَقِ فِي جَوَازِ التَّيَمُّمِ وَلَمْ يَجْعَلْ بَيْنَهُمَا وَاسِطَةً وَأَبُو حَنِيفَةَ يَجْعَلُ بَيْنَهُمَا وَاسِطَةً وَهُوَ مَاءُ الزَّعْفَرَانِ وَدَلِيلُنَا مِنْ جِهَةِ الْقِيَاسِ أَنَّهُ مَاءٌ قَدْ تَغَيَّرَ بِمُخَالَطَةِ مَا لَيْسَ بِقَرَارٍ لَهُ وَيَنْفَكُّ الْمَاءُ عَنْهُ غَالِبًا فَلَمْ يَكُنْ مُطَهِّرًا كَمَاءِ الْبَاقِلَاءِ. (مَسْأَلَةٌ): فَإِنْ وَجَدَ مُرِيدُ الطَّهَارَةِ الْمَاءَ مُتَغَيِّرًا وَلَمْ يَدْرِ مِنْ أَيِّ شَيْءٍ تَغَيَّرَ أَمِنْ مَعْنًى يَمْنَعُ التَّطْهِيرَ بِهِ أَمْ مَعْنًى لَا يَمْنَعُ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يَنْظُرُ إلَى ظَاهِرِ أَمْرِهِ فَيَقْضِي عَلَيْهِ بِهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ ظَاهِرٌ وَلَمْ يَدْرِ مِنْ أَيِّ شَيْءٍ هُوَ حُمِلَ عَلَى الطَّهَارَةِ رَوَى ذَلِكَ ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ فِي الْمَجْمُوعَةِ وَأَمَّا إذَا كَانَ لَهُ ظَاهِرٌ فَقَدْ رَوَى فِي الْعُتْبِيَّةِ أَشْهَبُ عَنْ مَالِكٍ فِي بِئْرٍ فِي دَارٍ تَغَيَّرَتْ وَلَمْ يَدْرِ مِنْ أَيِّ شَيْءٍ تَغَيَّرَتْ قَالَ يَنْزِفُ يَوْمَيْنِ وَثَلَاثَةً فَإِنْ طَابَتْ وَإِلَّا لَمْ يَتَوَضَّأْ مِنْهَا وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ أَخَافُ أَنْ تَسْقِيَهُ قَنَاةُ مِرْحَاضٍ وَلَوْ عُلِمَ أَنَّهُ لَيْسَ مِنْهُ لَمْ أَرَ بِهِ بَأْسًا يَحْكُمُ بِالظَّاهِرِ مِنْ أَمْرِهَا لِقُرْبِ الْمَرَاحِيضِ مِنْ آبَارِ الدُّورِ وَرَخَاوَةِ الْأَرْضِ. وَقَدْ رَوَى عَنْهُ عَلِيُّ بْنُ زِيَادٍ فِي الْمَجْمُوعَةِ رُبَّ بِئْرٍ فِي الصَّفَا وَالْحَجَرِ لَا يَصِلُ إلَيْهَا شَيْءٌ وَرُبَّ أَرْضٍ رَخْوَةٍ يَصِلُ مِنْهَا فَهَذَا أَيْضًا مِنْ الْمَعَانِي الَّتِي يَجِبُ أَنْ تُرَاعَى فِي مِثْلِ هَذَا. وَفِي الْمَجْمُوعَةِ مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ وَهْبٍ عَنْهُ فِي الْبِئْرِ يَمْتَلِئُ مِنْ النِّيلِ إذَا زَادَ ثُمَّ تُقِيمُ بَعْدَ زَوَالِهِ شَهْرًا لَا يَسْتَقِي مِنْهَا فَتَتَغَيَّرُ رَائِحَتُهَا بِغَيْرِ شَيْءٍ لَا بَأْسَ بِالْوُضُوءِ مِنْهَا. وَقَدْ رَوَى أَشْهَبُ عَنْهُ فِي الْعُتْبِيَّةِ فِي خَلِيجِ الْإِسْكَنْدَرِيَّة الَّذِي تَجْرِي فِيهِ السُّفُنُ فَإِذَا جَاءَ النِّيلُ صَفَا مَاؤُهُ وَابْيَضَّ وَإِذَا ذَهَبَ النِّيلُ رَكَدَ وَتَغَيَّرَ وَالْمَرَاحِيضُ إلَيْهِ خَارِجَةٌ قَالَ لَا يُعْجِبُنِي إذَا خَرَجَتْ إلَيْهِ الْمَرَاحِيضُ وَتَغَيَّرَ لَوْنُهُ وَقَالَ بِأَثَرِ هَذَا اجْعَلْ بَيْنَك وَبَيْنَ الْحَرَامِ سِتْرًا مِنْ الْحَلَالِ لَا تُحَرِّمْهُ فَظَاهِرُ هَذَا أَنَّهُ مَنَعَ مِنْهُ كَرَاهِيَةً وَاسْتِظْهَارًا لَا الْحُكْمَ بِنَجَاسَتِهِ لِأَنَّهُ تَجْرِي الْمَرَاحِيضُ إلَيْهِ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ لَهَا تَأْثِيرٌ فِيهِ. (مَسْأَلَةٌ): وَمَنْ كَانَ عِنْدَهُ مِيَاهٌ مَاءٌ فَأَكْثَرُ فَعَلِمَ نَجَاسَةَ أَحَدِهَا وَلَمْ يَعْلَمْ عَيْنَهُ فَذَلِكَ عَلَى ضَرْبَيْنِ: أَحَدُهُمَا: أَنْ يَتَغَيَّرَ أَحَدُهَا بِنَجَاسَةٍ وَسَائِرُهَا بِمَا لَا يَمْنَعُ الطَّهَارَةَ. وَالثَّانِي: أَنْ يَكُونَ سَقَطَ فِي أَحَدِهَا نَجَاسَةٌ يَسِيرَةٌ لَمْ تُغَيِّرْهُ. إلَّا أَنَّهُ يُمْنَعُ التَّطْهِيرُ بِهِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ فَحَكَى ابْنُ سَحْنُونٍ عَنْ أَبِيهِ يَتَيَمَّمُ وَيَتْرُكُهَا وَبِهِ قَالَ الْمُزَنِيّ وَيُرْوَى عَنْهُ يَتَوَضَّأُ بِأَحَدِهَا وَيُصَلِّي ثُمَّ يَتَوَضَّأُ بِالْآخَرِ وَيُصَلِّي وَبِهِ قَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ يَتَوَضَّأُ بِأَحَدِهَا وَيُصَلِّي ثُمَّ يَغْسِلُ مِنْ الْآخَرِ

1 / 59