سلمنا ولكن نمنع كون تزكية الواحد بمجردها مفيدة للظن، كيف وقد علم وقوع الخطأ فيها بكثرة، وحيث إن هذا أيضا مما لا يتيسر لكل أحد الاطلاع عليه، فالمتوهم لحصول الظن منها بمظنة أن يعذر فيه.
سلمنا ولكن العمل بالظن مع تعذر العلم في أمثال محل النزاع مشروط بانتفاء ما هو أقوى منه، ولا ريب أن الظن الحاصل من خبر الواحد الذي استفيدت عدالته من تزكية الواحد قد يكون أضعف مما يحصل من أصالة البراءة أو عموم الكتاب، فلا يتم لهم إطلاق القول بحجية خبر الواحد، والخروج به عن أصالة البراءة، وعمومات الكتاب.
واعلم أنه قد شاع أيضا بين المتأخرين التعلق في التزكية بأخبار الآحاد، وهو مبني على الاكتفاء بتعديل الواحد، إذا لا مأخذ له غير ذلك، وإن سبق إلى بعض الأذهان خلافه فهو خيال لا حقيقة له، فمن لا يكتفي في التعديل بالواحد، لا يعول عليها، نعم هي عنده من جملة القرائن القوية.
ثم إن للعلم بالعدالة طرقا أخرى لا خلاف فيها وهي مقررة في مظانها، فلا حاجة إلى التعرض لذكرها هنا، وإنما ذكرنا هذا الوجه لما يترتب على الاختلاف فيه من الأثر فإن جملة من الأخبار وصفت في كلام متأخري الأصحاب، أو تتصف على رأيهم بالصحة، وليست عندنا بصحيحة، وقد أوردنا الصحيح على كل من القولين، وميزنا بينهما بإشارة، وقد منا الصحيح عندنا حيث يجتمعان، لأنه متفق عليه من الكل، وذكرنا الآخر بعده، وأتبعناه بالحسن.
واصطلحنا على أن نجعل الإشارة إلى القسم الأول بهذه الصورة (صحي) وإلى الثاني بهذه (صحر) وإلى الثالث هكذا (ن)، وأن نفصل بين الأخبار، وبين ما نضمه إليها من الفوائد في الغالب بكلمة (قلت) حذرا من الالتباس الذي كثر وقوعه، في كتاب من لا يحضره الفقيه، وفي التهذيب، حيث تتفق فيهما إيراد
Halaman 22