Muntaha Talab
منتهى الطلب من أشعار العرب
وقلتُ لهم إن ترجعوا بعدَ هذهِ ... جميعًا فما أمي بأمِّ بني بدرِ
قدحنا فأورينا على عظمِ ساقنا ... فهل بعدَ كسرِ الساقِ للعظمِ من جبرِ
بني محرزٍ هل فيكمُ ابنُ حميمةٍ ... يقومُ ولو كانَ القيامُ على جمرِ
بما يؤمنُ المولى وما يرأبُ النأي ... وخيرُ الموالي من يريشُ ولا يبري
كما أنا لو كان المشردُ منكمُ ... لأبليتُ نجحًا أو لقيتُ على عذرِ
لأعطيتُ من مالي وأهلي رهينةً ... ولا ضاقَ بالإصلاحِ مالي ولا صدري
بني محرزٍ من تجعلونَ خليفتي ... إذا نابكم يومًا جسيمًا من الأمرِ
بني محرزٍ كنتم وما قد علمتمُ ... كفاريةٍ خرقاءَ عيت بما تفري
رأت خللًا ما كلهُ سدُّ خرزها ... وأثأى عليها الخرزُ من حيثُ لا يدري
بني محرزٍ إن تكنسِ الوحشُ بينكم ... وبيني وتبعدُ من قبوركمُ قبري
فقد كنتُ أنهى عنكمُ كلَّ ظالمٍ ... وأدفعُ عنكم باليدين وبالنحرِ
معنى إذا خصمٌ أدلَّ عليكمُ ... بني محرزٍ يومًا شددتُ لهُ أزري
بحدِّ سنانٍ يستعدُّ لمثلهِ ... ورقمِ لسانٍ لا عييٍّ ولا هذرِ
وقال الخطيم أيضًا لسليمان بن عبد الملك وقد استجار به:
وقائلةٍ يومًا وقد جئتُ زائرًا ... رأيتُ الخطيمَ بعدنا قد تخددا
أما إنَّ شيبي لا يقومُ بهِ فتىً ... إذا حضرَ الشحُّ اللئيمَ الضفنددا
فلا تسخري مني أمامةُ أن بدا ... شحوبي ولا أنَّ القميصَ تقددا
فإني بأرضٍ لا يرى المرءُ قربها ... صديقًا ولا تحلى بها العينُ مرقدا
إذا نامَ أصحابي بها الليلُ كلهُ ... أبت لا تذوقُ النومَ حتى ترى غدا
أتذكرُ عهدَ الحارثيةِ بعدما ... نأيتَ فلا تستطيعُ أن تتعهدا
لعمرك ما أحببتُ عزةَ عن صبىً ... صبتهُ ولا تسبي فؤادي تعمدا
ولكنني أبصرتُ منها ملاحةً ... ووجهًا نقيًا لونه غيرَ أنكدا
منَ الخفراتِ البيضِ خمصانةِ الحشا ... ثقال الخطا تكسو الفريدا المقلدا
فقد حليت عيني بها وهويتها ... هوى عرضٍ ما زال مذ كنتُ أمردا
كأنَّ منَ البردي ريانَ ناعمًا ... بحيثُ ترى منها سوارًا ومعضدا
تهادى كعومِ الركِّ كعكهُ الصبا ... بأبطحِ سهلٍ حينَ تمشي تأودا
يهيمُ فؤادي ما حييتُ بذكرها ... ولو أنني قد متُّ هامَ بها الصدا
لها مقلتا مكحولةٍ أمُّ جؤذرٍ ... تراعي مها أضحى جميعًا وفردا
وأظمى نقيًا لم تغلل غروبهُ ... كنورِ أقاحٍ فوقَ أطرافهِ الندى
لدى ديمٍ جادت وهبت لهُ الصبا ... تلقينَ أيامًا من الدهرِ أسعدا
فلا والذي من شاءَ أغوى فلم يكن ... لهُ مرشدٌ يومًا ومن شاءَ أرشدا
يمينُ بلاءٍ ما علمتُ بسيئٍ ... عليها وإن قالَ الحسودُ فأجهدا
وإني لمشتاقٌ إلى اللهِ أشتكي ... غليلَ فؤادٍ قد يبيتُ مسهدا
وما لامني في حبِّ عزةَ لائمٌ ... من الناسِ إلاَّ كانَ عندي من العدا
ولا قالَ لي أحسنتُ إلاَّ حمدتهُ ... بما قالَ لي ثمَّ اتخذت لهُ يدا
فلو كنت مشعوفًا بعزةَ مثل ما شعفتُ ... بها ما لمتني يا ابنَ أربدا
إذن لازدهاك الشوقُ حتى ترى الصبا ... من الجهلِ في أدنى المعيشة أحمدا
وما لمتني في حبها بل عذرتني ... فأصبحتَ من وجدٍ بعزةَ مقصدا
لياليَ أهلانا جميعًا وعيشنا ... رفيعٌ وشعبا الحيِّ لم يتبددا
لها بينَ ذي قارٍ فرملِ مخفقٍ ... من القفِّ أو من رملهِ حينَ أربدا
أواعسُ في برثٍ من الأرضِ طيبٍ ... وأوديةٌ ينبتنَ سدرًا وغرقدا
أحبُّ إلينا من قرى الشامِ منزلًا ... وأجبالها لو كانَ أن أتوددا
أعوذُ بربي أن أرى الشام بعدها ... وعمانَ ما غنى الحمامُ وغردا
فذاكَ الذي استنكرتُ يا أمَّ مالكٍ ... وأصبحتُ منهُ شاحبَ اللونِ أسودا
وإني لماضي الهمِّ لو تعلمينهُ ... وركابُ أهوالٍ يخافُ بها الردى
ومسعرُ حربٍ كنتُ ممن أشبها ... إذا ما الجبانُ النكسُ هابَ وعردا
وأزدادُ في رغمِ العدوَ لجاجةً ... وأمكنُ من رأسِ العدوِّ المهندا
1 / 110