ويروى بِيبَا١، فإنما أراد به الإتباع لإقامة الوزن وأصل بنائها٢ على "فِعْل" ساكنة العين. ألا ترى أن هذا الشعر من الضرب الثالث من المتقارب ووزنه في العروض فَعَل. وبيته:
وأبني٣ من الشعر شعرا عويصا ... ينسي الرواة الذي قد رووا
فلو أسكن الجيم لفسد البيت كله؛ لأنه كان يصير ضربه على فِعْل، وهذا فاسد ممتنع. وأما قولهم: "رجل جِئِز، ومِحِك، ونِفِر" ونحوه، فإنما أصل بنائه على٤ فَعِل كحَذِر. ولكنهم كسروا فاء الفعل إتباعا من أجل حرف الحلق، كما قالوا: شِعِير وبِعِير، فكسروا فاء الفعل لكسرة عينه وعلى هذا تقول: "في رَغِيف رِغِيف" بكسر الراء. وحكى أبو زيد عن العرب: "الجنة لمن خاف وِعِيدَ اللهِ" ولا تقول: "في جَرِيب وقَفِيز: جِرِيب ولا٥ قِفِيز"؛ لأنه ليس ثاني حروفهما حرفا من حروف الحلق، فهذا تشعب، ثم نعود لما كنا فيه:
وفِعَل: يكون اسما وصفة. فالاسم نحو٦ ضلع وعنب، والصفة: قوم عدى ومكان سوى. وقال النابغة:
باتت ثلاث ليالٍ ثم واحدة ... بذي المجاز تراعي منزلا زيما
وفُعْل: يكون اسما وصفة. فالاسم: قفل وبرد، والصفة: حلو ومر.
وفُعُل: يكون اسما وصفة. فالاسم عنق وطنب، والصفة: سرح وطلق.
وفُعَل: يكون اسما وصفة. فالاسم ربع وخزز، والصفة: ختع وسكع، وقال٧ الراجز:
_________
١ ظ، ش: بئبا.
٢ ظ، ش: بنائهما.
٣ ظ، ش: وأروي بدل: وأبني، وهما روايتان.
٤ على: زيادة في ظ، ش.
٥ لا: ساقط من ظ.
٦ نحو: زيادة من ظ، ش.
٧ ظ: قال.
1 / 19