وأما البيت الثاني فمن قول الفرزدق لأيوب بن سلم بن عبد الملك:
ولا أَمَرْتني النَّفس في رحلةٍ لها ... فيأمرني إلاّ إِليكَ ضَميرها
فسلم ذلك.
قال أبو محمد: فلولا أن السرقة تبطل فضيلة الإحسان ما عورض بها من استحسن قول أبي نواس وإن كانت قد سهلت على أبي الطيب حتى كثرت في شعره.
وقد عرفتك الآن وجوه السرقات محمودها ومذمومها لتسلم من الحيف عليه وتقضي في الحقائق بما له وعليه مما أوجبه حكم السرقات من الإنصاف ولقبنا كتابنا) المنصف (لما قصدنا من إنصاف السارق والمسروق منه. وقد آن لنا أن نذكر ما قصدناه من إظهار سرقاته، وإن مرّ بنا في أثناء ذلك معنى مستحيل أو بيت لفظه غث أو إعراب فاسد ذكرناه احتراسًا من توهّم الغفلة علينا وما نأتي في كل ذلك إلا ما تنسب به إلى العدل ويقع شاهدة العقل ولسنا نضمن إيراد جميع سرقاته وإنما نذكر من ذلك ما بلغنا علمه من مأخوذه، ونحن نبرأ إلى الناظر في كتابنا من إدعاء الإحاطة بجميع ما سلبه ومعرفة جملة ما أغتصبه لأني أدّعي رواية جميع الأشعار ولكل عالم زيادة على ما أوردت أن يورد منها ما أغفلت غير طاعن عليّ ولا ناسب تقصيرًا إليّ لأني حفظت ما لم يبلغه وحفظ ما لم يبلغني وأعوذ بالله من إدعاء ما لا يحسنه وتعاطي ما لا يتقنه
1 / 146